الخطاب القديم لا يجدي نفعاً

1
6
الثورة السودانية
الثورة السودانية

في البدء نترحم على جميع الشهداء الذين مهروا  دمائهم رخيصة من أجل حرية و رفعة الوطن منذ أن عرف السودان بحدوده القديمة و الحالية قبل و بعد إنفصال الجنوب .

عبارة نترحم على الشهداء هذه تعتبر من العبارات التي إتخذت حيزاُ أساسياُ في إستهلالية الخطاب السياسي و الإجتماعي و ذلك تجسيداُ للواقع المرير المتعايش معه الشعب السوداني المغلوب على أمره من جراء القمع و القتل الممنهج من قبل الحكومات المتعاقبة و الصراع القبلي الذي يحدث عادةُ لأسباب إجتماعية أو سياسية منظمة له مخلفاً أعداد كبيرة من الشهداء كما يطلق عليهم الناس بأنهم شهداء و في الوقت الذي هم أبناء وطن واحد ، للتخلص من عبارة تنرحم على الشهداء عن طريق تحقيق السلام الحقيقي العادل الشامل وخلق التعايش المجتمعي السلمي .  

الصراع الحزبي و المنافسة السياسية الغير شريفة و إنعدام الوطنية و الإنكفاء على الذات الحزبية و الشخصية من الأسباب الأساسية في الصراع الداخلي السياسي و الإجتماعي الذي جعل البلاد تتذيل قائمة الدول المأزومة من حيث الفقر و الجهل و المرض  و التخلف السياسي و الإجتماعي الذي أدى إلى تردي الأوضاع السيئة بالبلاد على المستوى الإقتصادي و تدني الخدمات الأساسية و إنعدام البنى التحتية لعدم وجود دولة ذات مؤسسات ثابتة  ، و البلاد منذ إعلان إستقلالها تتعرض لحكومات متغطرسة  تسيطر عليها أجهزة أمنية  قمعية  تتحكم في شئون البلاد و للتخلص من هذه الأزمة يجب إعادة النظر في المؤسسات الحزبية و الكيانات السياسية و مراجعة مسجل الأحزاب السياسية  كما يشمل ذلك مؤسسات المجتمع المدني لإحداث تغيير جذري في المكونات السياسية  و الإجتماعية  لمواكبة الحداثة  و التطور العالمي .

الخطاب القديم ما زالت نبرته موجودة ، خطاب اللادولة القديم التي ليست لها وجود غير أجهزة الحكومات الأمنية القمعية بات لا يجدي نفعاُ و مضيعة  للوقت  مع  ضرورة التخلص منه  و إستبداله بخطاب يتماشى و لغة العصر و الأنظمة الحديثة للنهوض  بأوضاع  البلاد العامة على المستوى الإقتصادي ، السياسي ، الإجتماعي و الثقافي و للضرورة بما كان إعتماد خطاب جديد يجمع مكونات الشعب السوداني و يخاطب قضاياهم الحقيقية  و المستعجلة  و معالجتها و تقديم حلول للأزمات المزمنة  و التخلص من إرث و مخلفات النظام البائد و الأنظمة السابقة العقيمة  و تأسيس الدولة السودانية الحديثة المنشودة التي تحمي جميع مواطنيها  و تحقق لهم سبل العيش الكريم  و الرفاه في ظل حكم ديمقراطي رشيد عادل يتساوى فيه الجميع في الحقوق و الواجبات .

الحديث عن إزالة التمكين يجب أن لا يقتصر على الأموال المنهوبة  و الأراضي المسلوبة فقط  بل يجب أن يطال الخدمة المدنية و بقايا النظام البائد الفاسدة و تنظيف  وإصلاح أجهزة و مؤسسات الدولة من الوظائف المؤدلجة التي إنعكس تواجدها  في عمليات الثورة المضادة و خاصة في الولايات نسبة لعدم تعيين الولاة و المجالس التشريعية  بفضل  رفض المكون العسكري و أعوانه في نداء السودان هم الذين ساهموا في هذا القصور المفتعل و ظهر جلياُ  في عدم إنحياز القوات النظامية  و الأجهزة الأمنية  و غيرها إنحيازاُ تاماُ و كاملاُ للثورة حيث كان له الأثر السلبي في عدم تحقيق أهداف الثورة منذ سقوط  النظام البائد 11 ابريل 2019م  ، هذا بالإضافة إلى الأزمات المفتعلة  مثل أزمة الوقود ، المياه  ، الكهرباء  و الخدمات الأساسية الأخرى ، أما الأزمة الإقتصادية الكبري  التي ظل يعاني منها المواطن السوداني منذ سنوات و إستفحلت بعد سقوط النظام البائد و ذلك بفضل وجود آليات تمكينه  في جميع مؤسسات الدولة و السوق .

السودان صنف بأنه ثاني دولة في العالم بعد جنوب أفريقيا من حيث إنتاج الذهب وتعتبر من الثروات القومية الهائلة  المنهوبة بطرق عديدة غير قانونية من خلال عمليات التعدين الأهلي ، يجب على الدولة أن تضع يدها و تشرف على مسألة التعدين و تقنينها و مكافحة عمليات تهريب الذهب بشتى الوسائل ، و كما يعتبر السودان من أكبر البلدان الزراعية و ما يمتلكه من ثروة حيوانية  يمكن أنه تستغل إستغلال أمثل لحل الأزمات الإقتصادية المتفاقمة  و المفتعلة .

الصراعات القبلية البعض منها أسبابه إجتماعية  و لكن غالبها وراءه أيدي سياسية تستخدم هذه الصراعات للوصول لمآربها  الدنيئة التي تدمر الوطن و المواطن و لا تكترث هذه الجهات السياسية التي تستغل هذه الصراعات بالشأن الوطني بل تعمل من أجل تحقيق غاياتها الرخيصة ، هذا مكمن الأزمات السودانية و معالجتها لا تأتي من الخارج بل في أيدي أبناء الوطن إذا هم حقيقة حادبين على المصلحة الوطنية  لإنهاء الصراع  الإجتماعي و السياسي الذي دمر البلاد و حطم مقدرات و طموحات الشعب .  

م/ علي الناير
[email protected]   

1 تعليق

  1. ” …… هذا القصور المفتعل و ظهر جلياُ في عدم إنحياز القوات النظامية و الأجهزة الأمنية و غيرها إنحيازاُ تاماُ و كاملاُ للثورة ….. ”
    قل لى بالله عليك .. كيف تنحاز و ايادى هذه الاجهزة منذ تاسيسها ملطخة بالدماء الزكية قبل و بعد و أثناء الثورة؟

    اتنحاز ثم تقام مؤسسات الدولة الحقيقية و يبدا الحساب الذى سبطالها؟

    اتنحاز لتجرد هذه المؤسسات من مؤسساتها التجارية و المالية و الصناعية و الخدمية لتجد نفسها تعيش على مرتباتها فقط و التى لا تككفى حتى لشراء علب السجائر و زجاجات الخمر المجركن عندنا؟

    اتنحاز لتقبع فى رتبها الدنيا و لا ترتقى الى الرتب العليا التى لا تستحقها و يستحقها غيرهم ممن هم ذوى كفاءة حقيقية و وطنية حقة بالجيش دونهم؟

    اتنحاز ثم تتم الهيكلة الحقيقية للجيش و يتم وضعه فى مكانه الطبيعىي و تحدد وظائفه الاساسية و التى ليس من بينها الاستيلاء على السلطة او المشاركة بها حسب قوانين القوات النظامية نفسها و التى اقسموا على المصحف بتاديتها؟

    ارايت كم هو صعب ان تنحاز؟

التعليقات مغلقة.