مخرجات التمكين وخدعة اللافتات!

    0
    507

    هذه مرحلة جديدة من السياسة يدخلها السودان.. وكان الله في العون! وهي مرحلة تنبني عليها كثير من الأمور الخطيرة مثل الانتخابات وقوانينها وكتابة الدستور واقتصاد الوطن وثرواته وموارده وفيدراليته وتحالفاته وسياسته الخارجية وموضعه في إقليمه ووجهته الثقافية والتقرير بشأن مستقبله..والسمة الرئيسية لهذه المرحلة أن لافتة المؤتمر الوطني أصبح!ت هي (الخلفية الحقيقية) لكل الكيانات السياسية والهيئات المسموح لها بالظهور.. مثل حزب الأمة الوطني، والأمة الفيدرالي، والأمة الإسلامي، والأمة المتحد، والأمة القيادة الجماعية، وحزب الإصلاح، وجماعة الإصلاح الآن، وحزب الإخوان المسلمين، وحزب المؤتمر الشعبي، وحزب الاتحادي الديمقراطي، والاتحادي الأصل وبقية فروعه، والحركات التي قالت إنها جاءت تحمل مظالم مناطقها، ومؤتمر البجا والأسود الحرة واتحادات الشباب والمرأة والطلاب و (79 حزباً آخر) بالإضافة إلى مجلس الأحزاب نفسه ولجنة 7+7 وهيئة الحوار الخ.. وهلمجرا!
    لهذا لم يكن غريباً أن تتم إجازة قانون الانتخابات (بالإجماع) رغم الاختلاف حوله؛ وهو صناعة خالصة للمؤتمر الوطني؛ الجهة التي صاغته و(فق المُراد) ثم حاكته على (ذات المقاس) ونثرت عليه (بعض التوابل) حتى تحفظ ماء وجوه التابعين وهي تظن أن في الوجوه (بقية ماء)! ولا تسمع عن اعتراضات الشعبي وغير الشعبي فأنت تعلم أن الجميع قد أصبحوا تحت (كنف الرعاية) من حزب واحد يملك السلطة والثروة والوظائف والمناصب ،والذين راهنوا على أن ينتفض حزب واحد أو جماعة واحدة من كل (هذه الهلمة) ليعلن رفضه لما يجري من هيمنة فسيكون رهانهم خاسراً؛ فالذاكرة لا تكاد تذكر ما حدث قبل الحوار وبعده، وما حدث قبل المخرجات وبعدها، ولا تأبه للتصريحات الهوائية التي انطلقت تتحدث عن التمسك بـ(وصية الحريات) وإلزام السلطة بتنفيذ المخرجات، وبضرورة المشاركة الفعلية في صياغة السياسات.. وكل تلك (التمثيليات الدرامية) التي تبخرت في الهواء وعاد الجماعة على (القاطر)
    يقبلون بقانون الانتخابات على علاته، وسيقبلون بتعيين مفوضية الانتخابات بذات الشاكلة السابقة، أو بما يزيد عليها من الولاء السياسي و(العين المغمضة) فقد تبدل قوام الشخصيات القومية في السودان ورانت على الذين يقدمون أنفسهم للعمل العام (سمات عجيبة) من الضعف والخنوع والخضوع لسلطة المال.. وهي حالة لا نستطيع أن نعممها على الشخصية السودانية، ولكن نستطيع أن نلاحظها في الشخصيات التي خرجت لتتسنّم الوجاهات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الجديدة! وهذه من الأمور التي تحتاج إلى مدارسة من أهل الاختصاص لتبيين مدى ما يمكن تفعله السلطة الحاكمة في باب تحوير (القيم العامة) وخلق (النماذج البشرية الجديدة) التي لا تخشى العيب، والتي تخالف منظومة قيم المجتمع (360) درجة، وتتطلع نحو الثراء غير المستحق والجشع الذي يركل الكرامة الشخصية بـ(بوز الحذاء)!
    إذا كنت في حافلة وجلس راكب آخر بجانبك فلا يمكن أن يلتف إليك ويقول لك: أهلا وسهلا ولكني (لا أريد أن أنشلك)… حيث لا معنى لذلك لأنك لم تقل له شيئاً ولا تتوقع منه ذلك! وبهذا القياس فلا معنى أن يقول المؤتمر الوطني إنه لا يريد تزوير الانتخابات!!
    مرتضى الغالي