أكبر عقبة أمام التعليم

    0
    110

    حقيقة هناك سؤال مهم جداً يطرح نفسه بإلحاح كل يوم وبصوتٍ عالٍ جداً، ولا نجد له إجابة وهو، هل الحكومة تتعمد تدمير التعليم؟ فمنذ التسعينيات والتعليم لم يتقدم قيد أنملة، بل ظل في حالة تدهور مستمر ولم يحافظ حتى على مستواه القديم، وكل عام يطل علينا نكتشف أنَّ التعليم ازداد تدهوراً عشرات المرات من العام الذي قبله، والحكومة كما يقولون (نايمة على العسل) كأنَّ الأمر لا يعنيها، لا تقوم بأي جهد حقيقي وإن فعلت فهو مجرد كلام ووعود. وما يؤكد خطورة الأمر أنَّ التعليم لم يعد يملك حتى نقابة فاعلة وقوية، وما الجسم الموجود حالياً إلاَّ عقبة من عقبات كثيرة تقف أمام تطور التعليم كما يصفها المعلمون أنفسهم.

    الغريبة لا تتوقف الصحف ولا وسائل التواصل الاجتماعي أبداً عن الحديث عن مآسي التعليم وتحديد مشاكله، وتقديم الحلول حتى ولو بالجهد الأهلي. كل يوم تتحدث عن ازدياد التسرب من المدارس وهروب المعلمين لمهن أخرى وتردي البيئة، وضعف المناهج وأخطاؤها وضعف تأهيل المعلمون وفقر التلاميذ وجوعهم ومرضهم، والظواهر السالبة التي تنتشر بينهم وعن ضغوط كثيرة يواجهها التعليم، إلاَّ أنَّ وزارة التربية والتعليم كأنَّها غير موجودة أو لا تسمع وأنَّ ما يحدث ليس من مسؤوليتها، حتى وزرائها لم نرَ لهم مواقفَ مشرفة، ودائماً ما يعبرون عن شكواهم وأسفهم فقط على ما يواجهه التعليم.

    ما يحدثُ للتعليم يثبت أنَّ الحكومة لا تعتبره حقاً واجب التنفيذ، لدرجة أنَّها تمنعُ عنه المال والدعم وفي نفس الوقت يذهب ماله لمؤسسات ليست أهم منه بأية حال. وليتها توقفت عند هذا الحد، فما تحرم منه التعليم تجود به على نشاطات لا قيمة لها باسم التعليم.

    بالأمس فقط نقلت صحيفة (التيار) أنَّ الصرف على الدورة المدرسية بلغ 320 مليار جنيه بالقديم، هذا ما عرف وما خفي مؤكد أعظم وربما المبلغ أكبر بكثير، تخيلوا لو ذهبت هذه المبالغ التي صرفت على الدورات المدرسية بمنتهى الشفافية على التعليم، وأضيفت لها المبالغ التي صرفتها الحركة الإسلاميِّة على مؤتمراتها، وتم إلقاء المنشطين من باب فقه الضرورة. فالدورة المدرسية غير مهمة في ظل هذه الظروف التي يواجهها التعليم، ومؤتمر الحركة أصلاً هو هدر للأموال على الباطل، لا شكَّ أنَّ واقع التعليم سيتغير 180 درجة.

    وبالمناسبة هذا الصرف تكرر 28 مرة للدورة المدرسية و9 مرات لمؤتمر سيئة (الطاري) إياها، ولكن السؤال المهم الذي يفرض نفسه، كيف تنظر الحكومة إلى التعليم، لابد أنَّها تراه بطريقة مختلفة عن العالم وعما نراه نحن، إذ ليس من المعقول أن نصدق أنَّها تهتهم به، فما يحدث يؤكد أنَّها ليست لها سياسة قومية واضحة تجاه التعليم، تهدفُ إلى جعل تعليم الأساس متاحاً للجميع وبمعايير جيدة هذا ما يثبته الواقع.

    حقيقة لا أدري بماذا أنصح الحكومة فهي لديها جبل من النصائح التي تعينها على تطوير التعليم في السودان، وجعل نظامه الأفضل في العالم بدل الأسوأ، ولكن الذي يجعل الأمر واقعاً هو رغبتها وإرادتها، وهذا لم يتوفر لها على مدى 30 سنة، ولن يتوفر بعد الآن وليس هناك عقبة تواجه التعليم أكبر من هذا.

    التيار