تخريب وعي الشعب .. انجاز الانقاذ الرئيس (3)

    0
    683

    فى الحقيقة ، كل القوى الرجعية قد ساهمت بدرجة او اخرى فى مجال تخريب وعى الشعب ، غير ان للانقاذ القدح المعلى فى هذا كغيره من جوانب التخريب الذى لم يترك جميلا على ارض السودان ! فى هذه المرة سأعطيكم امثلة حية ، عايشت بعضها بشكل شخصى ، على الوعى الذى كان ينمو فيخيف تلك القوى ويدفعها دفعا لواده قبل ان يستفحل الامر .

    المثال الاول ياتيكم من محطة ودعشانا بشرق كردفان ، والتى عشت فيها مراحل الطفولة وعطلات الدراسة الابتدائية والثانوية . لن تصدقوا انه فى ستينات وسبعينات القرن الماضى ، كانت هذه القرية تعج بالحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، ففى الجانبين الاخيرين كان لديها فريق لكرة القدم ينافس فرق مدينتى ام روابة وتندلتى ! وكان لديها نادى ثقافى واجتماعى اقيمت فيه ندوات محضورة ونوقشت فيها قضايا خطيرة . وكذلك قدم مسرحا ناجحا انتقل الى بعض المدن المجاورة !

    كنت لا اخرج الى سوق القرية الا ويدعونى الاخ دفع الله للجلوس معه امام ماكينة الخياطة ليسرد على اخبار اذاعة لندن فى المساء الفائت ونناقش بعض الامور الواردة فى تلك الاخبار . فاذا واصلت السير حتى دكان السيد امام ? سر تجار البلد ? فربما اجد عنده آخر اخبار المعركة الصحفية بينه والطالب فيصل الدائرة بجريدة كردفان الصادرة من الابيض عاصمة كردفان الكبرى قبل تجزأتها كجزء من التخريب الانقاذى. ثم اذا تيسر الوقت ربما امر على صديقنا الممرض المناضل مهدى ، الذى أوصل اشتراكات الميدان الى اكثر من عشرين نسخة .

    اظنكم تستطيعون ان تتخيلوا درجة الوعى التى يمكن ان تكون عليها ودعشانا وامثالها من القرى والمداين السودانية ، لو تصاعد الامر بصورة طبيعية خلال نصف القرن الماضى !

    وبمناسبة القرى والمداين دعونا نورد بعض الامثلة من الفن السودانى فى ذلك الزمان ، على قاعدة : كل اناء بما فيه ينضح . غنى الفنان رمضان حسن فقال :

    فى بلادنا القرى والمداين أثر النعمة عليها باين

    وتانى محل ما العين تعاين تشوف بهجة وروح اعتدال

    فاين النعمة واين البهجة بل واين روح الاعتدال الآن !

    ثم يقول :

    الحضارة وانتشاره وازدهاره فى الحدائق والنوادى الجمال والحب فى بلادى

    وقد قال عن حق!

    بل قبل ذلك والاستعمار يجسم على صدر البلاد ، قال شاعر سودانى :

    ابن بلدى بيقضى لى حاجة

    مابسيبو وروح لخواجة

    يغنى بلدو ويحيجنا حاجة !

    اليس هذا ملخصا لكتاب حول الاستعمار الجديد ، او الاقتصادى ، الذى لم يفكر فيه قادة بلادنا العظام وقتها حين رفعوا شعار : تحرير لا تعمير ؟! ولم يكن وعى أهلنا الذى تعكسه مثل هذه الامثلة البسيطة يقتصر على مجال السياسة ، وانما لمجالات المعرفة كافة . خذ مثلا الشاعر الذى يقول متغزلا فى بنات عهده : ماخدات فى الجمال جائزة نوبل ؟! ثم قارن هذا بالمنع الذى تم لجميل الغناء السودانى فى بداية العهد الانقاذى وما يتغنى به الان !

    واخيرا يااخوانا الجماعة ديل لازم يمشوا قبل انقراض ماتبقى من الوعى !

    [email][email protected][/email]