خط الاستواء
ليس المطيع وحده.. هناك مطيعون كثر في هذه البلاد يحتاجون قصقصة أجنحتهم، ومن الصعب مهابشتهم، والله المستعان.. أعطيك مثالاً واحداً لن يغالطني فيه أحد، إلا بعض المنسوبين ممكن يقولون إن القصة دي انتهت، والصفحة دي انطوت.. وفي ظني، ليس هناك ضرر يصيب الوطن أكثر من التمشدُق بمثل هذا الكلام..
أعطيك مثالاً واحداً لمن يفترض أن تحاسبهم جمهورية السودان الديمقراطية.. والخطأ واضح، حيث لا أفدح من إضاعة وقت البلاد والعِباد.. أنتم تقولون ذلك، وتقولون أيضاً إن الوقت كالسيف، إن لم تقطعه قطعك.
من هذا المنطلق ندعو سعادة رئيس الوزراء القومي، الفريق بكري حسن صالح، إلى محاسبة كل من تسبب في ما يسمى بالبكور، دون أن نحدد الأسماء اللامعة التي جرَّت الساعة إلى الوراء.. وطالما أن لدينا قانون ولدينا نيابة أمن دولة، فلننتظر هذه الأجهزة الرسمية، كي تتحرك بصفتها الاعتبارية كحارس ومدافع عن قضايا البلد، أن تُقيم الحُجة على المتسببين في النتائج الكارثية لتلك السياسة.. القضية واضحة، والخطأ ظاهر، وهو ما دفع الحكومة إلى العودة للتوقيت القديم، ولكن، كان من المتوقع اتباع ذلك القرار – قرار إلغاء سياسة البكور – برفع دعوى أو محاسبة من اقترفوا الخطأ.. فما شأنكم لو اقترف ذاك الجُرم عضو من أعضاء التحالف أو نداء السودان، أو الجبهة الثورية، هل (ح تقِيلوهو)، بمعنى أن تلتمِسوا له الأعذار، أو يخضع أمره للمعلشة أو (المباصاة) كما حدث مع الدكتور عصام صديق والآخرين؟.. وبالمناسبة: هل هُناك آخرون؟
أن تأتي أخيراً أفضل من ألا تأتي، فهناك أكثر من مطيع في هذه البلاد الجميلة، ولو بدأنا نحسب، فلن يتوقف سيل الحساب عند أعتاب مدينة الفتح في أطراف أم درمان.. إقالة المُطيع التي أتحفنا بها سعادة رئيس الوزراء، أعادت الأمل في إمكانية تهييج المحبة بين الشعب والدولة، وهيأت للبعض فرصة تطهر في هذه الدنيا من بعض الآثام، وهذا وأيم الله، مما يشجع الكثيرين على ولوج باب التوبة، وما يشجع أيضاً على أداء الفريضة، خاصة إذا أكدت ثورة الإنقاذ الوطني، مضيها قُدماً في تخفيف المعاناة عن ذوي القلوب الرحيمة.
هناك مطيعون كثر، ولكن: هل إقالة هذا الأخير هي إقالة وكفى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى، أم من الممكن أن نحلم مع سعادة النائب الأول باسترجاع ما ضاع، وما هضمته الأجواف من مال الأوقاف؟
إن كان الحساب ولد، ولم يعُد شيئاً آخر غير ذلك، فمن المتوقع أن تتم محاسبة تجاوزات الأوقاف وهيئة الحج والعمرة، ولو عن طريق التحلل، ولو بسعر الدولار الرسمي، فكل هذا مما لا بأس به الآن.. أخيراً وليس آخر، نتقدم بالشكر لدولة رئيس الوزراء، وهو يعود ليبعث الأمل في برنامجه بإصلاح الدولة.. شكراً له رغم أنه يدير المسألة بصبرٍ يُحسد عليه، وبطولة بال أطول من (السَلَبة)!
[email][email protected][/email]