حرائق بفعل فاعل

0
1140

كلما شب حريق في مؤسسة من المؤسسات يأتي سريعاً تفسير المواطنين له أن وراء الأمر فاعل أو فاعلان وإن هناك عملية فساد تمت، ورغم إنه ليس هناك من يحاسبهم أو يعاقبهم ولكنهم يسعون لمحو آثار الجريمة، وحقيقية الفكرة تبدو مقنعة خاصة إذا علمنا إن هذه الحرائق كانت قبل ثلاثة عقود معدومة أو نادرة جداً، أما الآن انتشرت بصورة كبيرة وكل مرة يتم تحميل الجريمة للكهرباء وينتهي كل شيء بانتهاء الحريق ويتكرر الأمر عادي، هذا غير الحرائق التي تحدث لممتلكات المواطنين من مصانع ومحال تجارية ومنازل وأشجار نخيل وغيرها نتيجة أسباب كثيرة وهذا موضوع آخر، وحقيقية انتشار الحرائق في المؤسسات تحديداً بهذه الطريقة لا يمكن أن يكون صدفة أو قضاء وقدراً .

أول أمس فقط قضى حريق هائل بمجمع محالج الفاو التابعة لشركة السودان للأقطان بولاية القضارف، على آلاف من بالات القطن المعدة للتصدير. وقدرت مصادر الخسائر بمليارات الجنيهات، ونقلت التيار من مصدر مطلع إن سبب الحريق شرارة، الحريق قضى على أكثر من 10 آلاف بالة قطن محلوج تتبع لشركات وعدد من المستثمرين، إدارة المحالج التي تعمل الآن على حصر الخسائر أكدت عدم توفر عربات إطفاء، وذكرت إنه تمت الاستعانة بسيارات إطفاء من مدينة القضارف مع تمدد النيران لجسم المحالج بعد أن شب الحريق في فناء واسع يتم فيه تجميع بالات القطن توطئة لتصديرها عبر ميناء بورتسودان.

الأسئلة التي تفرض نفسها ما هو عمل إدارة المحالج وواجباتها للمحافظة على القطن؟، وكيف لا تتوقع أن يحدث هذا وتتحسب له؟، ولماذا لا توجد إجراءات سلامة في المنطقة ومعروف إنها تقوم بالعمل في خامة سريعة الاشتعال؟، والسؤال الأهم لماذا الحريق شب الآن؟ ومعلوم أن المحالج لم تتعرض لأية حرائق مشابهة في تاريخها على ما أعتقد بالرغم من وضعها المتخلف!، ثم لماذا التعجل في إعلان سبب الحريق بإنه شرارة انطلقت من المصنع؟، هل يعمل المصنع بفحم وحطب أم ماذا؟ حتى وإن كان كذلك فلابد أن الشرارة وصلت القطن بفعل الإهمال.

عموماً لن نصدق أن الشرارة انطلقت لوحدها لتأتي على كل هذا المجهود، وربما تم سرقة عدد من البالات أو تم إنقاص وزنها عمداً والاحتمالات كثيرة، وما حكاية الشرارة إلا سيناريو، و لكن يبقى السؤال من الفاعل؟ وهو سؤال ليست له إجابة حتى وإن كان الحريق من شرارة أو ماس كهربائي أو عصفور. فليس هناك من يحاسب على الإهمال في حكومة المؤتمر الوطني لأن المؤسسات تديرها الفوضى.

حقيقية ظاهرة الحرائق المتكررة تكشف مدى ضعف إجراءات السلامة في كافة المؤسسات وخاصة المهمة والحساسة، وليس حريق إرشيف وزارة المالية قبل فترة ببعيد عن الأذهان ورغم إنهم قالوا محدود، إلا إنه مؤكد أدى الغرض، كما يكشف مدى ضعف إمكانات الدفاع المدني في جميع أنحاء السودان رغم ما يملك من خبرة، وهو حقيقية يحتاج للدعم والاهتمام.

أعتقد إن مشكلة الحرائق في المؤسسات عموماً تحتاج لوقفة حتى يقفل الباب أمام ذرائع الشرارة والماس الكهربائي والقطط الضالة، فكلنا مقتنعون أن وراء كل حريق في مؤسسة حكومية عملية فساد.

التيار

1 تعليق

  1. لماذا تجاهل التقرير ذكر الحريق الاخير لوزارة التجارة قسم الرخص ؟؟؟؟؟؟