خطاب مسجل حالم وضعيف الذكاء بثه السكرتير العام للحزب الشيوعي أمس وهو يتحدث عن جدول زمني للنشاطات الجماهيرية في الشارع لعدة أيام قادمة بدأت بموكب الأمس.. وقد تحدث الخطيب بصوت خجول وظهر في مقطعه بصورة ضعيفة الجودة ولغة متثائبة أقرب إلى الإعلان عن فعاليات مهرجان ثقافي لدرجة أنني وجدت نفسي منشغلاً عن تكملة مشاهدة الفيديو وكأنني أستمع إلى أغنية غير جاذبة وقديمة تكرر الإذاعة بثها بين حين وآخر بغرض استعراض أرشيفها الصوتي.
وهذا لا يعني أن دواعي تحرك الشارع للتعبير عن ضيقه ليست موضوعية، لكن الواقع أن الشارع الجماهيري القادر على الخروج وإحداث التغيير مهما كانت قوة الحكومة، لا يزال ضعيف الإجابة وقليل الحماس لارتكاب حماقة تغيير غير مضمونة العواقب تماماً، ويفضلون الضغط على أنفسهم واعتصار الصبر حتى تتحرك قيادة هذا البلد لإحداث التغيير المنتظر وفك خناق المعيشة .
التغيير المطلوب والرحيم بهذا البلد في مثل هذا الواقع ليس هو التغيير الثوري وإسقاط النظام إطلاقاً.. لأن أقوى بديل لديه الفرصة الأكبر لملء المقعد الشاغر سيكون هو حامل البندقية.. وهذه ليست فزاعة تخويف أو تخذيل لكنه واقع حقيقي يقول إن الشارع السياسي السوداني الآن ليس شارعاً قومياً مثلما كان في أبريل وأكتوبر وأجنداته ليست جميعها حميدة ووطنية وقومية.. ولن يكون بمقدور مختار الخطيب أو الصادق المهدي ولا أية قيادة سياسية حزبية أخرى السيطرة على الأمور بعد السقوط، وفرض خيارات البديل السياسي أو التصورات التي يتحدثون عنها للحكومة الانتقالية والترتيبات القديمة التي جرت في التجارب الديمقراطية الثلاث السابقة في السودان.. فهناك واقع جديد حركات مسلحة وبندقية تعتقد أنها كانت هي صاحبة الحق والنصيب الأكبر في مقاومة الانقاذ وبالتالي لن يستطيع أي سياسي منافسة هذه البنادق في سباق الوصول إلى القصر في حالة نجاح مشروع إسقاط النظام.
وحملة البنادق هؤلاء لا علاقة لهم لا بالديمقراطية ولا بالإصلاح ولا يعرفون هذه المعاني وهم بالتأكيد غير مستعدين لإخلاء مقعد سيعتقدون أنهم تحصلوا عليه بقوتهم.
سيظهر مائة حفتر في السودان والعشرات من جنرالات الحرب والزعامات القبلية والأجندات الخارجية.. وتدخل بلادنا على الأرجح في هذه الحالة إلى مرحلة الفوضى الشاملة.
لكن وتفادياً لكل هذه الخيارات الواردة فإن على الحكومة والكثير من منسوبي المؤتمر الوطني أن يبتعدوا أولاً عن استفزاز الشارع بالسخرية من قضاياه في سياق سخريتهم من قدرة الحزب الفلاني أو العلاني من فعل شيء.. بل على الحكومة وقيادتها أن تكون بالفعل الآن جادة ومنزعجة وقلقة فعلاً وعملياً لضيق الوطن والمواطن ومتحفزة أكثر لاستدراك الموقف الاقتصادي وتصحيح الأمور بالإعلان عن تغييرات جذرية وليست مجرد ذلك التغيير الجزئي الذي حدثنا به المتحدث الرسمي دكتور أحمد بلال أمس.
مطلوب تغيير حقيقي وجوهري تتواضع فيه أحزاب الحكم مع المؤتمر الوطني لمعالجة شاملة تبدأ باستعداد الجميع لتقديم تنازلات تطال حتى تلك المواثيق والاتفاقيات التي تسببت في تضخم الهيكل التنفيذي والتشريعي على مستوى المركز والولايات بمقتضى اتفاقات مختلفة قضت بتوزيعات وموازنات بين الحزب الحاكم والأحزاب المشاركة معه قبل وبعد الحوار الذي تم.
التغيير الجذري أو الجوهري بتقليص الحكومة وجهازها التنفيذي إلى أصغر حجم ممكن وإلغاء معظم الهيئات والصناديق والمؤسسات الحكومية ووزراء ومعتمدين في الولايات والتفكير بعقل منفتح يجعل القيادة تستفيد من كل من هو مفيد لإنقاذ اقتصاد البلد سواء أكان هذا الشخص منتمياً للحزب الحاكم أو الأحزاب المعارضة بأعلى سقف ممكن حتى ولو تم استدعاؤه من داخل موكب الحزب الشيوعي نفسه.
البلد في محك تاريخي يقتضي الكثير جداً من الزهد من الجميع وتأجيل الخلافات والتخلص من الغبائن لأجل بقاء السودان.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.
اليوم التالى
التغيير جاييكم كان مطلوب ولا ما مطلوب!
المطلوب ليكم دا تطلبوه من رئيسكم فبل ما يحصل الغير مطلوب! نحن في سباق معكم وإن كنا مقتنعين بأن عصبة اللصوص شرفانين مطبوعين على الشرفنة والكنكشة لآخر لحظة حتى يأتيهم غير المطلوب بغتة ولات حين مندم
التغيير جاييكم كان مطلوب ولا ما مطلوب!
المطلوب ليكم دا تطلبوه من رئيسكم فبل ما يحصل الغير مطلوب! نحن في سباق معكم وإن كنا مقتنعين بأن عصبة اللصوص شرفانين مطبوعين على الشرفنة والكنكشة لآخر لحظة حتى يأتيهم غير المطلوب بغتة ولات حين مندم