من يتأمل فى سيرة الراحل المقيم ، ويقلب الماعون رأسا على عقبه ، سيجد منه طفلا مكافحا وشابا كادحا ،، وفارسا مقاتلا من أجل تثبيت الحق فيما هو أساسى لأى فرد معاصر ينظر إلى الحياة من خلال منظار البديهيات ..
لقد عانى الفارس محمود عبدالعزيز وهو يعمل على ترسيخ الأبجديات ، والتى هى فى النهاية أبجديات.
لقد عاش فى جو ودولة مضطربة متنازعة التفكير ما بين قبول الفن أو رفضة أو تدجينه..
مابين إمام مسجد يبعد فناناً مشهوراً عن الصف الأول فى الصلاة .. ورؤوس دولة يطربون ويرقصون على أنغام الغناء واللحن.
ما بين محاكمة وتكفير وتضييق على الفن وألحانه وموسيقاه وأهله .. ولصوص يسرقون الألحان ويحولونها إلى أناشيد ومدائح نبوية يتغنون ويتكسبون من ورائها..
ما بين فنان نزيه يقتل فى وضح النهار ويهرب الجناة بفعلتهم .. وشيوخ سلفيين يرتكبون الفواحش والمنكرات وينجون..
وما بين هذا ، وهذه ، وذاك ، وتلك …تكمن أزمة المنهج ، ومحنة العقل ، وإضطراب المعايير..
المنهج المعاصر فى التطوير ينطلق فى الأساس على مبدأ أن لكل شخص هبة خاصة به يتميز به ، ومسئولية الدولة هى الكشف وتقديم ونصح والدعم والحث والتوجيه وتوفير مواعين الإستيعاب من أجل التعلم والصقل والتجويد ، فبقدرما سيحتاج المجتمع لإنتاجيته لاحقا ، فالفرد أيضا سيستفيد منها بصورة قد لا تخطر على باله . هذه المسألة لا تقتصر على الغناء والمهن الموسيقية فحسب ، بل تشمل كافة أشكال العلوم والتكنولوجيا والإقتصاد ، فالموهوبون هم من يبتكرون ويطورون وينمون من قدرات الدولة.. وأحسب أننا لا نجيد هذا النوع من فن إدارة الموارد ..
ففى بلدنا الذى لا يعر بالا لمثل هذه الأشياء ، ستجد هناك من يتربع على كرسى ليس بكرسيه ، ويؤدى عملا لا يجيده ولا يبتكر فيه ، ويتسلم ذمام أمور لا يعرف كيفية التعامل مع تعقيداتها وتشعباتها وربما ليس مستعدا لمواجهة مصاعبها ، أو يصنع صناعة ، ويلمع أكثر مما يستحقه ، ويوسع عليه فى مجلس ليس بمجلسه ، فيفشل بعد كل هذا الدعم والسند لغياب الموهبة بكل ببساطة ، وربما ساهم الحظ العاثر لآخر فى وضعه على طريق ليس بطريقه ، أو أن المحسوبية فعلت فعلتها ، وأتت إلى هذا المكان ، وهؤلاء من يقودون اليوم رحلة الإنهيار الكبرى التى تشهدها قاطرة الدولة السودانية..
لن يجرؤ أحد على الإدعاء أن الفنان محمود عبدالعزيز قد خدمته الواسطة ، أو المحسوبية ، أو أى صلة قرابة له مع أى مسئول ، أو أنه ورث الفن كحرفة عائلية ، أو أشياءا من هذا القبيل !!
ولن يجرؤ أحد على الإدعاء أنه هو من صنع ظاهرة محمود عبدالعزيز ..
لقد كان موهوبا ، بل الموهبة ذاتها .. وثمة ما كان يدفعه نحو الفن دفعا منذ نعومة أظافره ، ففى منزل إسرته بحى المزاد ، ذكر أنه إعتاد فى صغره إعادة ترتيب كراسى على شكل مسرح ، ثم يعتليه هو وبعض أقرانه ليؤدوا عليها أدوارا تمثيلية أمام باقى أفراد الأسرة ، وإستمر فى تطوير نفسه فى هذا المجال عبر باقى مراحله الدراسية .. مع الربط والمزاوجة ما بين الغناء والظهور المسرحى ، فساقته هذه الأهتمامات إلى مراكز الشباب ، ومن ثم الظهور فى برامج الأطفال فى التلفزيون .. فالإنطلاق ..
نستطيع أن نقرأ من خلال السيرة الذاتية للفقيد ، أن أى مرحلة وأى نشاط قام بها ، ما كانت إلا تهيئة له ورصيدا سيحتاج إليه لاحقا ، وذلك ما مكنه المزج والمزاوجة ما بين موهبة الفنية ، وخبرته المسرحية ، وإحساسه بما يؤد من أدوار وأغان ، فتمكن من تحقيق الإندماج وتنشيط التفاعل التبادلى بينه وبين الجمهور ، ليتحول إلى قصة نجاح ، نجاح بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، وهو ما ساهم بقدر وافر فى توسعة أرضيته الشعبية ..
المبدأ الثانى من ضمن الكثير أبجديات التطور ، هى إتاحة الحرية الشخصية من حركة وتفكير وفعل ، والتحلل من القيود التي تكبل طاقات الإنسان وإنتاجه سواء كانت قيودا مادية أو معنوية ، فهي تشمل التخلص من رهن الموقف لفرد أو جماعة ، والتخلص من الضغوط المفروضة على شخص ما لتنفيذ غرض ما ، والتغييب من عنصر الإجبار والفرض .
نطرح هذا الأمر ، وكنا نتمنى أن نكون قريبين لنقف على قبر الفنان الراحل ، الذى كان قدره أن يعيش فى أسوأ حقب أنتهاك الحريات الشخصية فى السودان ، وأكثرها إسودادا وظلمة ، فقد عاش ورحل قبل ان تنقشع ظلمة ليل السودان الشتوية الطويلة ، لقد عانى وواجه بصفة شخصية من إنتهاكات مستمرة لحريته من أناس ونظام لا يقوم منهجه إلا على نقض حرية الأفراد . تلكم الحريات التى تواثقت عليها الأمم كافة ، فإلتزمت برعايتها دون ثمن أو مقابل ..
وفى شأن الحريات ، يقول الفيلسوف إيمانويل كانت :
لا أحد يستطيع إلزامي بطريقته كما هو يريد (كما يؤمن هو ويعتقد أن هذا هو الأفضل لي وللآخرين) لأصبح فرحا وسعيدا. كل منا يستطيع البحث عن سعادته وفرحة بطريقته التي يريد وكما يبدو له هو نفسه الطريق السليم . شرط أن لاينسى حرية الآخرين وحقهم في الشيء ذاته.
ويضيف الفيلسوف والاقتصادى جون ستيوارت ميل:
السبب الوحيد الذي يجعل الإنسانية أو (جزءا منها) تتدخل في حرية أو تصرف أحد أعضاءها هو حماية النفس فقط ، وإن السبب الوحيد الذي يعطي الحق لمجتمع حضاري في التدخل في إرادة عضو من أعضائه هو حماية الآخرين من أضرار ذلك التصرف.
كل هذه الأقوال تعد مواد تاريخية متحفية مرت عليها قرنان من الزمن ، ولم تعد من الهواجس إلا فى أكثر بلاد الأرض ظلامية كالسودان ..
والفنان محمود عبد العزيز لم يسجل له طوال حياته ، ولا حالة واحدة إنتهك فيها حرية أحد ، ولم يفعل ما يستدعى حماية الآخرين منه .. ومع ذلك كان هدفا دائما من أهل المشروع الحضارى الصحراوى ، والذين يحاولون عادة لى عنق النجاح لإقحامها إقحاما فيما يسوقون على أنها أنشطة وأهداف رسالية ..
بل نحسبه بطلا … فقد كان دائم الإستعداد للمدافعة عما يرى ونرى فيها صميما لحريتة الشخصية ، وفى ذلك نؤيده أشد التأييد ، وتؤيده مواثيق حقوق الأنسان ، والأمم المتحدة ، بل وكبار الفلاسفة ممن أيدوه منذ قرون من مولده ..
الإسلامويين يحتاجون حاليا أكثر من أى وقت مضى للكف دفن رؤوسهم فى الرمال ، والنظر بتجرد وصدق فى مرآة الحقيقة على وجوههم الوقحة الكالحة دون أصباغ ، وعليهم عدم الهروب من غائطهم الذى خلفوها ، فليتفحصوها جيدا، وليتفحصوا الدمار الذى خلفوه ، فحتى الأطباء يعملون عليها بحثا عن العلل والأمراض والإضطرابات الهضمية .
على الأسلامويين النظر فى النتائج ، عندما آثروا صلة تأسيس بناءهم لإدارة دولتهم الهشة على القرابة والقبلية على حساب الأهلية والمواهب .. وعليهم النظر فيما نتج عن تضييق الحريات الشخصية فأنتجوا جيلا من موظفى الدولة المدجنين على التجسس على السيدات بمراقبة ملابسهن وحركتهن ، والتلصص على ما يقرأ ، والتضييق على ما ينشر ، بدلا عن مراقبة وردع من ينتهكون أراض وفضاءات السودان.
وليتجرأوا على طرح التساؤلات حول سر نجاح عبدالعزيز فى العبور بما حمله على عاتقه من أعباء ، وفشلت دولة الإسلام السياسى فيما تدخل فى صميم إختصاصاتها من العلاج وإنقاذ الحياة ، ليغطوا سوءاتهم بالتهرب من مسئولية التوقيع شهادة وفاة الراحل ، بطلب النجدة من مؤسسات دولة أجنبية .. ؟؟
لك الرحمة أيها العزيز محمود عبد العزيز ، فإذ نبكيك فإنما نبكى الفارس المقدام الذى ترجل عن صهوته ،
ونبكى لرحيل عراب تجربة جليلة طغت على السودان وغير السودان ،
نبكى لرحيل صاحب رسالة حرية واضحة ،
فقد كنت رمزا للصبر والمثابرة ، وقدوة للموهوبين فى كافة المجالات ،
فشققت طريقا يحفه الظلمات فى كل جانب ،، فقد جئتنا ليلا ،، ورحلت قبل أن ينقشع ، ويبزغ الفجر الجديد …..
أبكر يوسف أدم
منذ متي الحكومة السودانية تدفن الموتي؟؟؟؟؟
انا لم افهم اى شىء مما كتب وماذا يريد الكاتب وما دخل الحكومة بوفاة محمود ولماذا هذا التوقيت لهذا المقال ارجو ان لا تستخفو بعقولنا فمحمود كان وطنا وبكاه الكل حتى الحكومة لم تقصر فى واجبها تجاه موته حتى تم دفنه فى مظاهرة عفوية من محبيه
مقال جميل
بكت فقدك الدنيا قديما بدمعها فكان لها في سالف الدهر طوفان عندما بيكيك يا محمود انما نبكي وجدان الشعب السوداني ولك الرحمة بقدر ما الهبت المشاعر وادخالك البسمة في نفوسنا انا لله وانا اليه راجعون
محمود عبد العزيز .. ياعـــــــمر ..!!
بالله عليك ما علاقة الحكومه بموت محمود عبد العزيز , ياخي هذه اقدار وهذه ايام معدوده ومحسوبه , الله وحده الذي يعلم كم سنعيش ومتي سنموت لكن يبدو ان كل من هب ودب يريد ان يكتب دون رقيب او حسيب , او حتي تقييم لطبيعة الماده التي يقدمها لقراء هذه الصحيفه, فهذه الصحيفه يقرأها عامة الناس ويقرأها المثقفون والادباء ,بالله عليكم انظروا لما كتب هذا الكاتب (لقد عاش في جو ودولة مضطربة متنازعة التفكير ما بين قبول الفن أو رفضة أو تدجينه..مابين إمام مسجد يبعد فناناً مشهوراً عن الصف الأول فى الصلاة .. ورؤوس دولة يطربون ويرقصون على أنغام الغناء واللحن.ما بين محاكمة وتكفير وتضييق على الفن وألحانه وموسيقاه وأهله ).
هل كان هذا هو السبب لموت محمود , ياخ اتقي الله فينا .. نسال الله لمحمود المغفره وان يتوب الله عليه , وهذه دعوه مني للفنانين ان يتقوا الله ويتوبوا اليه ويتركوا الغناء لانه حرام فيه فسق وفجور وتعري فيه مياعه لشبابنا فيه مخالفه لتعاليم ديننا الحنيف وسنن نبينا محمد عليه افضل الصلاة والسلام .
http://www.alrakoba.net/articles-action-show-id-29348.htm
الله يرحمه ويهديكم يا شباب.
والله كلكم وهم وقاعدين تنفخو فى رماد والشعب السودانى أثبت فشلوا وجهالتو أولا فى حدث هيثم مصطفى والثانى فى محمود عبد العزيز الشعب لايعرف غير الكوره والغنى والحكومه شغلتوا بي كل هذه الفارقات وأولادهم إتعلموا وبقوا قاده من بعدهم وإنتوا خليكم فى الحضيض والمناكفات ياخى أمشو إشتغلوا ولى أعبدوا ربكم وأسئلوه أن يخلصكم من هذا الهراء وهذا الحكم الفاسق الجائر
سبحان الله في الراكوبة وقرائها بعضهم وليس كلهم فانت اذا لم تشتم وتردح وتسئ لحكومة انت ليس انسان والمفروض تاخد بالجزمة وكل شئ سببو الحكومة بالكذب والصحي وده السبب المقوي الحكومة معارضة وكتاب لايعو مايقولو ويتبعهم الغوغاء يالاسف ومن الذي دراك ان الحكومة رفضت تدفع مصاريف السفر ولاقطعتها ونجرتها من راسك اعرف انك محاسب علي الكلمة التي تقولها.
محمود مات الله يرحمو وحب الناس ليهو باين حيث ان الناس دخلت حتى داخل الطائرة وتبعوهو راجلين وشيعوه وبكو بحر الدم لانهم يحبونهم
وياريت نقف ونسال نفسنا لما طلعت الالوف لوداع محمود ولم يحرك الفجر الجديد وثيقته الشارع مجرد سؤال الي اللريوش
ياجماعة خليكم من الكلام الفارغ .. خليكم علي قدر المسؤلية واحنا عمرنا كده ماحنتقدم ابدا الله المستعان
شعب مغيب لا يعرف الحق لماذا لم يخرج لموت مثلا البروفسير على المك او الطيب صالح او البروفسير عبدالله الطيب او عمر بليل او جميع علماء السودان الاجلاء هذا يعنى الشعب يعيش فى حالة خواء فكرى وروحى ويسير تائها بلا هدف او رؤى نسأل الله السلامة
الدنيا بخير طالما وجد من يلخص للشعب قضيته.9
الشئ المحزن هو ان كثير من المعلقين الذين يتباكون الان على الفنان محمود عبد العزيز وصفوه باوصاف تافهة كثيرة لا حصر لها، ما ان ياتي ذكر محمود في كثير من المقالات او المواضيع الا وتجدهم يكيلون له السباب واخرها كان موضوع تكسير مسرح الجزيرة في مدني ويمكن للاخوة الاعزاء الرجوع للارشيف في الراكوبة، والله عيب عليهم. يجب ان نعلق باحترام وادب وننتقد النقد الموضوعي البناء بعيداً عن التجريح فكلنا اخوان في هذا السودان . محمود كان ضحية استقطاب غير عادي من كل الجهات وذلك لتاثيره الجامح على الشباب، لانه قريباً منهم، مسكين لم يستطع تحمل كل هذه الشهرة فاتجهت به الى طريق ثالث.
الا رحم الله الفنان محمود عبد العزيز وكل المسلمين والمسلمات
http://www.bbc.co.uk/arabic/multimedia/2013/01/130118_sudan_singer.shtml
يتم دفن الموتي حتى لا تحصل فتن ….عالم فارغه وكأن الذى مات جاب حاجه تنفع … فنان ومات الله يرحمه ويرحمنا من ذوى العقول الفارغه …
صحيح يا ود المختار بقينا شعب مسخرة بجد !! ماعندنا هم غير الغنى والكورة الفالحين فيها بالكلام بس.. نترحم جميعاً على روح الفقيد ونسأل الله أن يرحمه، إنما الهيلامانة والهيستيريا اللي شفناهو(يوريك) أننا مجتمع ما عاد يعرف أولوياته (نحن أمة ضحكت من جهلها الأمم).. بعدين الله يكدب الشينة لكن أشك كل الشك أنو المرحوم دا كان أمنجي!!.
اذكروا محاسن موتاكم انا لله وانا اليه راجعون .
المغفور له الشيخ احمد علي الامام كان يحفظ القران الكريم بكل الروايات واول من اسس جامعة القران الكريم خدمة لله والوطن مضى الى ربه في صمت بعد ان مرض في صمت ولم تصنع له هذه الهلولة عجبي
ابكر يوسف . انت اغنيتنا بل و افحمتنا بانك عبّرت وبإمتياز بل و بإدارك وإحساس صادق و حقيقى و معرفةعارف واعى ومخلص لوطنه ولكن الموت حق ويأتى بصور متعددة و مختلفة -منها الاعدام المباشر و منها_طرشقت الاطارات فى اللاندكروزات- و لكن الجديد الموت على ايدى الاطباء . عرفنا فى زمن النميرى ان طبيبا كان يشرف على قطع الايدى . ولكننا لم نسمع بأن نميرى احال اخطاء الطبيب الى دولة اخرى . ومحمود الذى اعرفه لم يمت . و لم يظل ذكرى فقط . فالامر يحتلج لإحياء تراثه و مواقفه وكشف الذين قادوه عنوة لحسن الخاتمة