عقد الجلاد خارج الزنزانة

جيد جداً أن تفتح مشاركة مجموعة عقد الجلاد في احتفال خاص باتحاد الشباب كل هذا الجدل حتى تحدث مكاشفة موضوعية بين حراس الزنزانة السياسية والفكرية الضيقة للمبدعين أمام تيار يريد أن يصحح وضعية المبدع ويكسر قيود الإقامة الجبرية التي يخضع لها داخل زنازين الفكر والأيدلوجيا والسياسة.
المثقف المبدع ليس سياسياً مناضلاً.. وهذه ليست دعوة لتفريغ مشروع عقد الجلاد من أبعاده ومعانيه السياسية لكن مثلما كان من حق شعراء عقد الجلاد أنفسهم أن يتخذوا مواقفهم السياسية المختلفة دون أن ينسحب ذلك على موقف الفرقة أو الجمهور من أعمالهم التي ربما كانت ملهمة للكثيرين في تعزيز أو تكوين مواقفهم السياسية الأخرى فأيضاً من الطبيعي أن تغني عقد الجلاد في المنبر الذي يسمح لها بتقديم أعمالها الفنية أو جزء من تلك الأعمال غض النظر عن هوية هذا المنبر.
فبعض شعراء عقد الجلاد أمثال الشاعر جمال عبد الرحيم شاعر (صوت الاستحالة) و(عطبرة) قام من قبل بإعداد نصوص شعرية كتبها خصيصاً لتغنى في احتفالات رسمية ترتبط دون شك بمسؤولين رسميين وبفعاليات يشرف على تنظيمها الحزب الحاكم في ولاية الجزيرة وهذه حقيقة يمكن أن تسألوا عنها جمال عبد الرحيم نفسه ، وهذه القصائد لم تجعل عقد الجلاد تتوقف يوماً عن تقديم (بطن الحوت) و(المناظر هي ذاتها والصور نفس المشاهد والشوارع والبيوت والأماكن والمقاعد.. الزمان ثابت مكانو والرقم اللسه واحد)..
ومنذ متى كانت في بلادنا مقاطعة معلنة من المثقفين والمبدعين لكيانات وأجهزة الدولة أو حتى الأجهزة التنظيمية للحزب الحاكم.. ؟!
وهل السياسيون المعارضون أنفسهم يلتزمون بهكذا موقف حتى يطالبوا كياناً إبداعياً فنياً بالامتناع عن التواصل في إطار تقديم أعماله الفنية المعروفة في أي منبر كان؟!
ومن قال لكم إن عقد الجلاد قد غنت لأول مرة أمام احتفالات رسمية أو معارض أو حفلات تدشين لمشروعات.. وما الفرق بين أن تغني عقد الجلاد في احتفالات ومعارض ترعاها وتشرفها قيادات رسمية وبين أن تغني لكيان شبابي تتهمه الساحة السياسية بأنه خاضع لسيطرة حزب المؤتمر الوطني..؟
يا سادتي طالما أفسحت قيادات هذا الكيان الشبابي لمجموعة عقد الجلاد منبرها لإحياء هذا الحفل دون تدخل في اختيارات الأعمال التي قدمتها المجموعة في الحفل فإن هذا الحدث في مجمله هو حدث حميد وإيجابي يصب في مصلحة انعاش عافية التعاطي مع الإبداع كون قيادات الاتحاد الشبابي هذا أياً كان تصنيفه قد أتاحت منبرها لحاجة آمنة وبطن والحوت وغيرها من الأعمال الإبداعية لعقد الجلاد فإن ذلك يحسب لهم في البداية بأنهم ارتقوا حقيقة بتفكيرهم وتعاطيهم مع هذه الإبداعات وكسروا قفل التواصل مع الفن الجميل داخلهم فلماذا يصر تيار الرفض والاستنكار على الاحتفاظ بقيده حول رقبة عقد الجلاد وقمع خياراتهم ومحاولة الهيمنة على الإبداع وعلى حرية المبدعين..؟
قضية الحرية واحدة لا تنفصل ولا تتقسم.. من يطالب بحرية عقد الجلاد في تقديم فنها في منابر الجماهير يجب أن يحمي حرية عقد الجلاد في اختيار المنابر التي تغني فيها فلا تصادروا حريتها بحجة الدفاع عن مشروع الحريات المزعوم..
شوكة كرامة
اليوم التالى