رائحة رفع العقوبات

    0
    2345

    صحيح أن سعر الصرف للدولار مقابل الجنيه السوداني، يشهد انخفاضاً في السوق الموازي هذه الأيام بسبب اقتراب موعد القرار الأمريكي المنتظر بخصوص العقوبات وتزايد التوقعات برفعها.
    لكن الصحيح أيضاً والمؤسف أن تجار الدولار أيضاً يساهمون في حملة الترويج لهذا الانخفاض بهدف جمع وشراء كل الدولار الموجود في السوق كما يحدث في كل مرة.
    هل تذكرون انخفاض الدولار بعد قرار أوباما..؟! والذي هبط سعره فجأة من 18 إلى 16 أو 15 جنيها، ثم ما لبث كثيراً حتى عاد مرتفعاً بشكل غير مسبوق كسر به حائط العشرين جنيها ومضى في اتجاه الـ22 وظل يلامسها هبوطاً وصعوداً حتى اقترب الموعد الجديد.
    وليس لدينا شك في أن القرار الأمريكي المنتظر لو جاء بما تشتهي السُفُن ويشتهي السٓفِنُ ? أي قائد سفينة الاقتصاد ? كما في الروايتين المختلفتين لهذه القافية، فإن الوضع الاقتصادي في السودان سيكون مرشحاً لتحقيق طفرات كبيرة تحتجز الدولار تحت سيطرة يمكن أن تكون كاملة تماماً في حال لبت الحكومة وقطاعها الاقتصادي طموحات الإصلاح وتمت تهيئة المناخ لاستقبال هذه الفرصة الذهبية فعلاً والإمساك بهذا الطوق للنجاة..
    حينها قد يصاب تجار الدولار بأول خيبة حقيقية وهم يواجهون وفرة موضوعية في النقد الأجنبي وتطورا اقتصاديا حقيقيا يرتكز على حركة إنتاج ترعاها الدولة بما تقوم به من إصلاحات جذرية في قطاعات الزراعة والصناعة تعيد الثقة في الاقتصاد السوداني وتذلل العقبات التي تقف أمام الاستثمارات الخارجية مع تشجيع جاد للمنتجين وبالأخص صغار المزارعين الذين يفشل الكثير منهم في الحصول على تمويلات الإنتاج من المصارف الآن بسبب افتقادهم لضمانات التمويل.
    بجانب ذلك يجب أن تتجه الحكومة لتشجيع الشراكات بين المنتجين الوطنيين والمستثمرين الخارجيين حتى يستفيد الجميع وتزول عقبة الأراضي التي يواجهها المستثمر الخارجي في مشروعات الإنتاج..
    هذه بجانب شروط أخرى يجب أن تتخذها الدولة لتوفر مناخاً جديداً للإنتاج والاستثمار يمكن بعده أن نتحدث عن ارتفاع حقيقي وثابت في قيمة الجنيه السوداني أمام الدولار ووفرة في النقد الأجنبي غير قابلة للعبث بها بواسطة المضاربين الذين يمارسون التجارة في سلعة كاسبة ورابحة لهم الآن هي الدولار، لكن كل قرش يربحونه منها هو في الواقع يعادل نقطة جديدة في رصيد هزيمة الاقتصاد السوداني.
    لا تنظروا لانخفاض سعر الدولار هذه الأيام بتفاؤل كسول يفترض أن رائحة خريف رفع العقوبات تكفي لسقاية اقتصادنا القاحل ورقع جيبه المثقوب.
    شوكة كرامة
    لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

    اليوم التالى