٭ أعيد هذه الأيام قراءة كتاب فاطمة المرنيسي السلطانات المنسيات نساء رئيسات دولة في الاسلام ووقفت في كثير من المحطات فالكتاب صدر في طبعته الأولى عام 4991م وأثار الكثير من النقاش والمداخلات وأكثر ما استوقفني هو مقدمة الناشر «دار الحصاد للنشر والتوزيع» فقد تناول فيها خطورة التعامل والموقف من التراث وتاريخ الأمة وما يخلق هذا الموقف والتعامل من تصالح أو تنافر في الرؤى الفكرية.. ولخص هذا في كلمات تفتح آفاقاً للتعامل الموضوعي مع الماضي في اطار فهم الواقع من أجل المستقبل فقد جاء في المقدمة:
٭ «ان ماضي أي مجتمع هو كحاضره وليد بيئة وظروف معقدة يستحيل معها ألا تكون أخطاء هنا وهناك وان من يرون في أخطاء ماضينا ما يحقق مقولتهم إننا وحدنا المبنيون على الخطأ حاضراً وماضياً وإنا لهذا أمة يائسة هم واهمون حقاً فلا حياة بدون أخطاء.
٭ اتكأ الناشر على ما جاء في الكلمات السالفة ليضيف قائلاً «يتوهم من يعتقد ان تفوق الشعوب المتقدمة في عصرنا الراهن جاء من ماضيها المقدس أو المشرق الخالي من الأخطاء.. إنه لعلى العكس من ذلك كان مليئاً بالأخطاء والمآسي التي وصلت في أحيان كثيرة إلى حد مخجل ومقرف لكثرة ما مورس فيه من جرائم لنتذكر على سبيل المثال لا الحصر ما يسمى بالعصور المظلمة «العصور الوسطى» في أوربا وان أحد المجامع الكنسية في أوربا شكك بوجود روح عند النساء.. لنفتح به موسوعة تاريخية من موسوعات الغرب وعندها لا أعتقد ان من يتشاءم من أخطاء ماضينا سيجد نفسه في وضع مريح ازاء تصوره ولابد له من أن يستعيد توازنه.
٭ وكتاب السلطانات المنسيات كما قلت أثار نقاشاً طويلاً وقد ركزت مؤلفته في المقدمة التي وضعتها له على إنها تؤكد وتنبه للآتي:
«وتماشياً لكل سوء فهم وكل تشويش فإنه من الطبيعي في كل مرة أتكلم فيها عن الإسلام دون أي وصف في هذا الكتاب فإني أقصد فيه الإسلام السياسي.. الإسلام كممارسة للسلطة واعمال الرجال المدفوعين بمصالحهم والمشبعين بالأهواء وهو ما يختلف عن الإسلام الرسالة.. الرسالة الإلهية الإسلام المثالي المدون في القرآن «الكتاب المقدس وعندما أتكلم عن هذا الأخير فإني أعبر عنه بالإسلام كرسالة أو الإسلام الروحي.
٭ أثبت بكل الذي سلف لأنقل للقاريء صدى ما اتبنته فاطمة المرنيسي من دور لأم المقتدر وهي تصنفها كسيدة حاكمة قالت:
«لقد كان للسيدة أم المقتدر مفهوم سياسي يمكن توصيفه في أيامنا هذه بـ«القوي» جداً وبرأيها ان شؤون الأمة وبخاصة العدالة تدار بصورة أفضل فيما لو تولتها امرأة ولذلك عينت تومالي احدى مساعداتها مسؤولة عن المظالم وهي وظيفة كانت تعادل ما نسميه اليوم وزير العدل الأمر الذي أثار استنكار القضاة والوزراء وقد بدأت السلطات الدينية وبخاصة القضاة الذين كان عليهم أن يعملوا حسب أوامر تومالي بدأوا بالمقاومة واستهجنوا هذا التعيين ثم أظهروا مطالبهم المعادية للنساء ورفضوا التعاون مع رئيستهم الجديدة.. بيد أنهم عندما تأكدوا ان السيدة ليست لديها أي نية في التخلي عن تومالي طأطأوا رؤوسهم وقبلوا التعاون مع رئيستهم الجديدة وكانت ذكرى مصير القاضي يعقوب ماتزال ماثلة في الأذهان.
أواصل مع تحياتي وشكري
الصحافة