أي شعب في الدنيا له صفات مشتركة ناتجة من أثر البيئة الاجتماعية بجوانبها المختلفة عليه، وكذلك توجه الدولة ومدى استفادتها من تلك الصفات لتعزيز ما تراه جيدا يساعد على تطور المجتمع وإضعاف ما تراه سيئا ويؤثر عليه سلبا فالدولة هي أم الشعب ويمكنها أن توجهه كيفما تشاء.
الشعب السوداني- عموما- يشترك في كثير من الصفات، فمثلا كريم وطيب ومتكافل وصبور ووفي ومخلص، وفي نفس الوقت أحمق وعاطفي وغير ديمقراطي، الظروف التي مر السودان كدولة نتيجة سياسات الحكومات بعد الاستقلال انعكست سلبا على الشخصية السودانية فقد أضعفت فيها الإيجابيات وعمقت السلبيات، الآن الشخصية السودانية فيها الكثير من نقاط الضعف التي عززتها حكومة المؤتمر الوطني، ولكي يتغير يحتاج إلى سياسة دولة وأم ترعاه وللأسف الشعب السوداني أصبح يتيما.
تلك الصفات السلبية جعلت المواطن السوداني غير قادر على النظر إلى القضايا بوعي، وإنما كل شخص يراها من وجهة نظره الشخصية، حتى إن كانت النظرة الأخرى علمية أو منطقية وهذا أثر على قدرته في التحاور وفي هذا يتفق جميع السودانيين بمختلف مستوياتهم حتى أولئك الذين نالوا قدرا وفيرا من العلم والمعرفة إلا من رحم ربي، ولذلك دائما هناك سوء تفاهم يحدث بين الناس لا أحد يتنازل لأنه اقتنع إلا بمزاجه، يتحاور السودانيون ليس ليقنعوا ويقتنعوا بل ليثبت كل وجهة نظره وينتصر لنفسه وليتحقق ذلك يتم استخدام أساليب غير جيدة منها الابتزاز واستخدام والقوة والغش والكذب وتلوين الحقائق و(طق الحنك) وهي نوع من الفهلوة.
نحن- الشعب- لا نتحمل المجادلة بالتي هي أحسن وإنما نحاول فرض آرائنا على بعضنا، الدولة إن كان لها وجود في حياتنا لعرفت كيف تجنبنا هذا السلوك من خلال تصرفات الحكومة وهي القدوة، ولكننا نملك حكومة ديكتاتورية وحمقاء و(غبيانة) أدخلت السودان في مأزق خطير تحاول الخروج منه ولا تستطيع، وبعد هذا كله تعتقد أنها يمكن أن تحل المشكلة بما أسمته حوارا وطنيا لا يتمتع بأدنى مواصفات الحوار.
ما تقوم به الحكومة اليوم هو (طق حنك وفهلوة) وليس حوارا، فالحوار يعني تبادل الآراء بين عدد من الأشخاص حول قضية مشتركة في محاولة لإيجاد فكر مشترك، وفي القرآن يعني المجادلة بالتي هي أحسن، والحوار وسيلة من وسائل الاتصال بين الناس بحيث يتعاون المتحاورون على معرفة الحقيقة والتوصل إليها؛ ليكشف كل طرف منهم ما خفي على صاحبه منها، وليأخذ الحديث مسمى الحوار لا بد أن ينطبق عليه عدد من الأمور، كأن يأخذ كل طرف الفرصة للتعبير عن آرائه حول القضية المطروحة دون الإساءة إلى أي منهم وبلا تعصب إلى رأي دون آخر وليكون الحوار فعّالاً لا بد من الوصول بالحديث إلى المكانة المطلوبة وإيجاد حلول للقضية المعنية يتفق عليها جميع المتحاورين، بناء على أنها الحقيقية التي يقرّها العقل والمنطق.
الحكومة لا تنتبه- دائما- إلى أن الحوار يجب ان يصل إلى الحقيقية ليتفق عليها الجميع، فهي تريد أن يتفق كل الناس على رأي مشترك يرضيها هي ويجب أن يقبله الآخرون، ومن أراد أن يتأكد أن الأمر مجرد طق حنك وفهلوة فليستمع إلى تصريحات الآلية، والإشارات التي يرسلها مسؤولو الحكومة ولذلك لن ينجح الحوار، و(طق الحنك الفهلوة) لا يحقق سلام ولا يبني دولة ولا ينقذ شعبا من مهزلة تأريخية صنعها عمى البصر والبصيرة فهل تفهم الحكومة؟.
التيار