القبول بالآخر المُختلِف شرّط أساسِي للديمُقراطية ..‎‎

3
8
نضال عبدالوهاب
نضال عبدالوهاب

نضال عبدالوهاب

أولاً دعوني أعترف لكم أنه مُنذ فترة طويلة نسبياً هنالك قضيتان مركزيتيان تشغلان تفكيري بشكل شبه دائم .. وهما قضيتي الديمُقراطية و التغيير في بلادنا ..

وهُما قضيتان مُرتبطتين ببعضهما البعض بشكل تلقائي .. حيث لا يُمكن تصور أن تكون لدينا دولة ديمُقراطية من غير حدوث الكثير من المُتغيرات .. فحركة التغيير نحو الديمُقراطية والتقدم تستلزم عمل دؤوب و مُستمر لا يعرف اليأس أو التوقف ..

من نعم الخالق العظيم علينا أننا نشأنا في وطن طابعه الأساسي هو الإختلاف والتعدد .. و لعل الجميع يتفق أننا برغم وجود هذا الثراء المُتباين والمُتعدد في كُل شئ ، في المناخات و جغرافيا السُودان و إنسان السُودان ، في إثنياته وقبائله ولغاته ولهجاته و أديانه و سحناته و ثقافاته ، إلا أننا لم ننجح بالوصول بهذا الإختلاف إلي درجة من القوة تجعلنا نتحول إلي دولة مُتطورة و حديثة ونحن نمتلك كُل مقومات النجاح ، من ثروات إلي عُنصر بشري و موارد وحضارة .. وتحولنا بفعل الفشّل في إدارة أنفُسنا إلي دولة فقيرة وضعيفة و مُمزقة تنتشر فيها الحُروب والصِراعات ، و يرزح الجهل والمرض و التخلف علي أجزاء كبيرة منها .. وأصبحت مطمع لدول أخري إقليمية ودولية للإستفادة من ثرواتها ومواردها الكبيرة ..

سنوات عديدة مُنذ إستقلالنا الباكر في أفريقيا و نحن نتراجع بدلاً عن التقدم .. ولعل الصِراع حول السُلطة وتحويل دفتها أغلب تلك السنوات إلي الحُكم الديكتاتوري العسكري ساهم بشكل كبير وواضح في تراجعنا الكبير هذا وتخلفنا .. لم يُتاح لنا البدء والإستمرار في طريق الديمُقراطية وبناء الدولة الحديثة فيه والإتفاق علي شكل ونظام حُكم ومشرُوع وطني سُوداني بإستطاعته إنهاء كُل الأزمات التي نتجت في الصِراع حول السُلطة والثروة والموارد في السُودان كُل تلك السنوات ..

لم نستفِد من تجارب الآخرين من الذين مروا بظروف أسؤا منا بمراحل كدول وشعوب وبرغم ذلك نهضوا و أصبحوا قوي كُبري في كُل العالم في أوروبا وأمريكا وآسيا وحتي إفريقيا ..

وكل هذا لم يحدث لهم صُدفة .. غيروا طريقة تفكيرهم .. إستفادوا من أخطائهم .. تمسكوا وآمنوا بضرورة التغيير للأفضل .. أنتجوا وعملوا لأهدافهم بكُل عزيمة وإرادة وإجتهاد فنجحوا ..

الديمُقراطية التي تطورت في أوربا وأمريكا والتغيير الذي حدث لمجتمعاتهم و إقتصادهم ونظامهم التعليمي والصحي وكُل شئ حدث برُغم وجود ذات مشاكل التعدد والإختلاف بين مكونات دولهم وشعوبهم ، وبرغم حدوث الحُروب الأهلية الطويلة والتي إمتد بعضها لقرون كما حدث في أوروبا .. حروب دينية و سياسية وإثنية .. قُتل خلالها ملايين البشر و دُمر كُل شئ ..

ولكن ماذا حدث .. لم يبدأ التغيير والتطوير والإنتقال لما نراه اليوم لديهم إلا بقبولهم لبعضهم برغم الإختلاف بينهم .. و توحدوا وإلتفوا فقط حول دولهم بشكل جماعي ، ونظموا وصاغوا الدساتير التي تضمن مُساواتهم في الحقوق والواجبات .. و إحترموا القوانين و تساوي الجميع أمامها من رأس الدولة إلي أدني وظيفة أو عامل لا فرق .. إتجهوا لتنمية بلدانهم بمراعاة تكافؤ الفرص والعمل علي ذلك فتغير كُل شئ تدريجياً .. أصبحت الديمُقراطية والحُريات وحقوق الإنسان هي الشئ الذي يستهدفه الجميع في تطور دولهم ومجتمعاتهم .. كان المفتاح الأساسِي لكل هذا التغيير هو القبول بالآخر المُختلف ، لولا هذا المبدأ لظلت أوروبا إلي الآن في حُروب أهلية ومُنقسمة ، ولما صارت مُتحدة كما اليوم .. وكذلك أمريكا التي كانت تنتشر فيها ظاهرة الرقيق ثم الحروب الأهلية بسبب التفرقة العُنصرية والإستعباد من البِيض للسّود وبين الشمال الغني والجنوب الفقير فيها .. لم يتغير كُل هذا إلا بعد أن تغيرت العقلِيات والأفكار أولاً ثم جاء القبول بالآخر كي يستمر التعايش السلمي ثم أتي الدستور الوطني و القوانين و الحُريات وحقوق المواطنة لاحقاً ، ليتفرغ الجميع لبناء الدولة مع وجود الصراع السياسي نعم لكنه محكُوم بالمبادئ والقوانين الديمُقراطية ..

واقع السُودان المأزوم اليوم وكُل هذا التناحر والصِراعات في سعينا نحو الديمُقراطية وإستدامتها ونحو السلام وإستدامته ونحو التنمية وإستدامتها ونحو الإستقرار والتطور والتقدم كُل هذا لن يحدث إن لم نقبل ببعضنا البعض كسُودانين أولاً ونقبل بالإختلاف فيما بيننا .. آن لنا جميعاً أن نتواضع لهذا المبدأ والشرّط الأساسي لنمضي في عملية التغيير للأفضل لبلادنا .. لم ولن تنفعنا الصِراعات والتناحر و الأنانية .. أفراد و مواطنين عاديين و قوي سياسية .. النزاعات التي تحدث ، والحروبات مصدرها الأساسي هو عدم قبول إختلافنا والآخر المُختلف .. ليست هنالك قبيلة أفضل من قبيلة ولا إثنية تعلو علي أُخري ، ولا سحنة علي سحنة ولا لغة ولهجة علي أخري ، ولا حِزب سياسي علي آخر إلا بما يقبله الشعب منه ديمُقراطياً .. لا تفرقة بسبب دين أو مذهب .. لن نخلق تعايش سِلمي حقيقي وتغيير إلا بقبول الآخر المُختلف كشرّط أساسِي للديمُقراطية ولإحداث التغيير في السُودان للأفضل ووقف كافة النزاعات والحرب والصِراعات ..

سُودان ما بعد الثورة يستلزم التواضع والعمل المشترك بيننا جميعاً لهدف مصلحة بلدنا في التقدم ..
[email protected]

3 تعليقات

  1. اوافقك الرأي تماما حول كل ما تقول به عن قبول الآخر المختلف، بهدف بناء وطن يسع الجميع، و لأجل مستقبل اجيالنا القادمه، البريئه من كل اخطائنا و انانيتنا و تجاهلنا اساسيات قضايا العدل و الحريه و المساواه.
    ٠٠بس لدى سؤال واحد و مباشر للكاتب:
    هل “ناس الإسلام السياسي” اخوان الشياطين، و الكيزان القتله المجرمين، اللصوص النصابين، الفاسدين المفسدين، الحاقدين على جموع الشعب السوداني، هل هم معنا في هذا الأمر، أو معنيين به، أو انت تخاطبهم ضمنيا او على “حياء”، باي شكل من الأشكال فيما تقول به؟؟ إن كان ذلك كذلك، فلا امل في نجاح مشروعك حول قبول الآخر المختلف، لأنه فاشل و لانه مرفوض إبتداءا.
    الكيزان يا اخي، مخلوقات الله نعم. لكنهم ليسوا بشر، و لا ينتمون للبشريه في شيء البته، لا في افعالهم، و لا اقوالهم، و لا طبائعهم، و ليس لهم قيم، و لا اخلاق، و لا مثل، و لا وازع من ضمير..
    ٠ أسوأ من كل ذلك، لا علاقة لهذه المخلوقات بالدين الإسلامي البته، أو فلنقل ليس لهم دين اصلا… و على ذلك فقد أصبح الشعب السوداني كله، يبغضهم و يكرههم كرها شديدا حد الموت، بعد ان خبرهم على مدى ثلاث قرون كامله… و سيستمر هذا الكره و البغض حتى يرث الله الأرض و من عليها، فذاك صنع ايديهم القذره… إنتهى.

  2. الزول نضال هذا مختشي ان يقول انه مع الكيزان ولهذا السبب فهو يلف ويدور مشروعك فاشل لانه لا امان للكيزان فهي الجرثومة الخبيثة التي لا تعيش الا في جسم مريض متعفن، يا نضال فتش عن سكة اخري.

  3. يا محمد
    ايوة حتى الشياطين يجب أن يكونوا ضمن الحد الأدنى للتوافق السياسي والا فانت في هذا النزاع الصفري ستنتقل من حفرة لحفرة واخر نهابة لك ستكون الموت بسبب مرض التخلف المسمى ملاريا في نقالة تنبعث منها رائحة العفن وبقية من طراش مريض فارق الحياة فيها قبل ساعات في احد مستشفياتنا التي لا يوجد فيها سرير يسعك ولا جرعة ملاريا!
    هذه الصورة القاتمة هي خيارك الذي اخترته في بلد تقوم حياتها على الاحتراب والنزاع والعداء وصناعة الاعداء
    ربما اذا كان ذلك خيارك أنت فذلك ليس مؤسفا، ولكنه سيكون مؤسفا اذا اصبح مصير الاجيال القادمة التي حكمت عليها بعقليتك المتأسنة هذه أن تموت بهذه الطريقة بسبب أنها تظل في عداء مستمر..
    رسمت لك صورة المستشفى هذه ليس من الخيال ولا لأنها صورة يمكن ان تحدث غدا بل صورة رأيتها تحدث أمام عيني قبل ايام في مستشفياتنا!!!!!!
    يحب ان نغير هذا المسار البليد وننظر للدنيا حولنا فالبلادة لن تقودنا الا الى نهايات بليدة!

التعليقات مغلقة.