دنيا دبنقا
نور الدين بريمة
تناولنا في دبنقتنا هذه، قبل يومين مقالًا، تحت عنوان: (الثُيُوقراطية ورِدّة الحريات)، ما جرى لقناة النيل الأزرق، وإيقاف حلقة تلفزيونية ضيفها، ضياء الدين بلال، الأمر الذي يدفعنا اليوم كذلك للحديث عن أهمية الحرية، بكل تبايناتها وإختلافاتها، ولكن بالتكريز على حرية النشر والتعبير، وما بدأنا نرْقُبه ونشْهدُه من المنع والحرمان، لبعض الأصوات والأقلام، توسم بالخصوم، قد ينذر بحدوث كارثة لا تُحمد عقباها!، كيف لا وأن هيمنة السلطة في أي مكانٍ، بل وتغييبها للعدالة، وإستخدامها لقوة الكُرباج، بديلًا عن قوة الحجة والمنطق، سيما في المسائل الخلافية، المتعلقة بإدارة الشأن العام، فإنها لعمري ظواهر تطفو نتائجها السالبة، على سطح الحِراك والفعل السياسي.
وقد نرى إسقاطاتها بجانب الحرمان والمنع، كذبًا وإدعاءًا تقدمه وسائل الإعلام، ثم تغدو ملامحه غيابًا للوعي والإدراك وسط الشعوب، خاصة في البلاد التي أذن الله لها، أن ترفع قيودها، وتضع حدّا للصراعات والحروب، حتى تتمكن من لجم الشمولية والدكتاتورية، لكي لا تغرز أنيابها، وتقف عقبة كؤود، ضد الوعي والإدراك والمعرفة، وبالتالي ستكون خصمًا على الإستقرار والعمل التنموي.
فغياب الحرية هو تعبير عن تجليات الفساد، وما ترتكبه الأنظمة الشمولية من خطايا ورزايا، تكون ماثلة للعيان، وربما ستوقع بلادنا- المتشظية أصلًا- في بحارٍ من لجج الظلام والجبروت، بعد أن عميت علي أفئدة من يديرونها، حقائق الأشياء، خاصة أؤلئك من هم على سُدة مؤسسات الإعلام، فوجدوا ضالتهم في سَوم خصومهم عذابات الحرمان والمنع، وهم يعملون على تعتيم الحقائق والمعلومات الصحيحة، وإحتكارها في إطارها الديواني، ثم تكميم شفاه من يودون البوح بها بألسنتهم، أو التعبير عنها بأقلامهم.
لذا ينبغي للقائمين على أمر الإعلام والثقافة في بلادي، إفساح المجالس لوسائل الإعلام، وذوي الرأي والقلم، وتركهم لنيل حرياتهم وحقوقهم المعرفية، وإنتزاعها من فك صخور الممانعة والإحتكار، والعمل على إيصال آرائهم وإشاعتها بين الورى، وتبْيانها للناس أجمعين، وأن يكون القضاء والقانون هو السبيل والجُنّة، إلى إبراء الذمة من التجني والإتهام، على من يظن ويعتقد ذلك، لأن حريتك ستقف عندما تتعدّاها إلى حرية الآخرين.
ولا نودّ إرجاع الناس إلى عهود الظلامية النازية والدكتاتورية الأولى، ومقالات زعمائهم التي قرأناها في سفر التاريخ، فالألماني، جوزيف جوبلز كان يردّد كلامًا، ما معناه إقتباسًا: (أعطني إعلامًا كاذبًا .. أعطك شعبًا بلا وعي … وأكذب حتى يصدقك الناس)، أي الحال التي عاشتها الشعوب في القرون الأولى حتى بسطت السلطة سيطرتها ونفثت سمومها، وجعلت شعوبها خاوية بلا وعي ولا قيمة.
ولكنّا في عهودنا هذه، فنعتقد ونؤمن جازمين، كما إعتقد الفيلسوف الألماني، ألبرت إينشتاين، بأن الحرية هي القوة الخفية، التي تقف خلف الإبداع والتحفيز، وبدونها يموت الإبداع، وأنه من الخطأ الشائع: الظنّ بأن الإجبار أو الإكراه، ومجرد الشعور بالواجب، قد ينمي متعة التأمل والبحث، لأن الإشتراك المبني على الحرية، وعدم الإجبار، يدلان على ديمقراطية المجتمع، وإنطلاقة أفكاره وأقواله، دون تقييد لإنطلاقتها، وتمهّد السبيل للخبرات لتتخذ الحكم السليم أساسًا، كما أن حرية الفكر، تورِق النفوس، وبها يزدهر الحوار، وتتفتح الملكات، وتعين على إنتقاء الحقائق من بين خبرات الأفراد، أمّا في غيابها فلا مكان إلا لزمجرة رياح التسلط، عندما تصطدم بأشجارٍ ذابلةٍ جوفاء، فلا تتوسل، لأن الحرية تؤخذ، والتي تؤخذ بالتوسل، فإنها ليست بحرية!!!.
لا تحدثنا عن ألحرية..
أن يستمر الأىزقي ضياءالدين بلال أحد كتأب الثورة فتلك هي الفوضى
التعليقات مغلقة.