في ذكراها اليوم: النميري “من ياكل (٣) وجبات فلياكل وجبتين”!!

2
11

بكري الصائغ

١-
يوم لا ينسي في تاريخ السودان…
في يوم ٢٥/ مارس عام ١٩٨٥ -اي قبل (٣٦) عام مضت، خاطب المشير/ جعفر النميري في جلسة موسعة بقاعة الصداقة صفوة شخصيات الدولة وكبار القادة فيها، بحضور نائبه الاول اللواء/ عمر محمد الطيب، ومستشاريه في قصر الشعب، واصحاب المناصب الدستورية، ورؤساء الامانات بالاتحاد الاشتراكي، والوزراء ووزراء الدولة ووكلاء الوزارات، وكبار المسؤلين في الاجهزة الحكومية المختلفة،القادة بالقوات المسلحة والشرطة والأمن، والمحافظين ووزراء الولايات، والسفراء الاجانب، رؤساء الصحف المحلية والمراسلين الاجانب.
٢-
كان هدف النميري من الاجتماع بأهل السلطة في نظامه، التفاكر معهم حول بعض المستجدات في البلاد بعد الزيادات التي طرأت علي بعض السلع الضرورية والادوية، وشرح وتوضيح الموقف الاقتصادي العصيب الذي تعيشه البلاد، التقي معهم المشير النميري، وافاض في الكلام والحديث عن الحالة الأقتصادية في البلاد، ودافع بشدة عن رفع الدفع ، وعن الزيادات التي طرأت علي السلع الضرورية، دافع بقوة عن السياسة الاقتصادية التي تسير عليها حكومته.
٣-
شن النميري في خطابه هجوم ضاري وقاسي علي الجميع بلا استثناء (شعب وحكومة!!)، واكد للحاضرين، ان الفترة القادمة لحكمه ستكون عصيبة للغاية نسبة لان الاقتصاد في البلاد قد تدهور تدهور مريع بسبب سلوكيات كبار رجال الدولة وتبذيرهم المبالغ فيه علي حساب ميزانية الدولة الضعيفة، وكيف ان بعض المسؤولين الكبار يركبون عربة حكومية وسيارة اخري حكومية تحت تصرف زوجت وكانما هذه السيارات الحكومية قطاع خاص لهم ، وفوق كل هذا يتم صرف عشرات الألآف من “جوالين” البنزين كل شهرعلي هذه السيارات من حساب ميزانيات الوزارت والمصالح الحكومية، شن النميري الهجوم الضاري علي سفر الوزراء في اجازاتهم للخارج وكيف انها سفريات عائلية مكلفة كثيرآ لا لشيء الا بغرض الترفية و”الفشخرة” الفارغة التي تكلف الدولة كل عام ملايين الدورات.
٤-
قال لهم نميري بحدة اشبه بالانذار“من الان وصاعدآ من ياكل (٣) وجبات فلياكل وجبتين..وعليكم ان تتركوا المشروبات الباردة التي تكلف البلاد ملايين جوالات السكر، وحلو الشاي بالبلح”!!…وهنا ارتفعت الضحكات عالية من قبل الحاضرين فاغتاظ نميري بشدة ورفع صوته عاليآ كالصراخ حتي طغي علي ضحكـاتهم وراح يهددهم وكانهم تلاميذ او اطفال في الخلاوي ، واكد لهم وان الاجراءات الاقتصادية القادمة صارمة وقاسية تستهدفهم قبل الاخرين.
٥-
طلبت احدي العضوات السماح لها بكلمة، فراحت تحكي عن المعانأة التي يجدها المواطن المسكين في الحصول علي السلع الضرورية بعد الزيادات التي طرأت عليها،… وقبل ان تكلم المتحدثة باقي كلامها، قاطعها النميري بصوت عالي اشبه بالصراخ، وهاجمها هجوم ضاري فيه كثير من السخرية، الامر الذي الجم السنة الجميع في القاعة، راح النميري يقول لهم بنبرة مليئة بالنرفزة: ” المواطن السوداني يفضل دائمآ الحياة الهنية الرغدة “ واكل الباسطة ” ولبس المستورد”، ولا يود ان يعرف حقيقة الازمة التي تعرفها البلاد، ويرفض حياة التقشف وتقليل حاجياته المعيشية”.
٦-
خطاب النميري مساءآ بقاعة “مجلس الشعب” كان قبل ساعات قليلة من مغادرته الخرطوم الي امريكا، طار بعدها النميري مع زوجته وبرفقة وفد رئاسي كبير، تاركآ خلفه السودان يحكمه نائبه الاول الجنرال/ عمر محمد الطيب، الذي كان يشغل ايضآ منصب مديرجهاز الأمن القومي، كان يوم ٢٥ مارس ١٩٨٥، هو اخر يوم حكم فيه النميري البلاد، بعد هذا التاريخ اصبح النميري لاجئ في القاهرة، ولم يرجع الي سودان الا في يوم ٢٢/ مايو ١٩٩٩، وخاطب مستقبليه في المطار”جئت للسودان مندفعاً بحب عارم للوطن ولشعبه الحبيب, ولم اصرح يوما بأنني عائد كحاكم او طالب للسلطة”.
٧-
ماذا حدث في يوم ٢٦/ مارس ١٩٨٩؟!!
اندلعت مظاهرة عارمة قوامها طلاب “جامعة امدرمان الاسلامية” الذين لم يعجبهم كلام النميري الذي توعد شعبه بمزيد من الاجراءات الاقتصادية الصعبة القادمة فوق ماعليها الاحوال في البلاد من سوء اوضاع متردية في كل المجالات الحياتية، بجانب الاضرار التي سببها الجفاف والتصحر علي حساب الاراضي الزراعية. طافت المظاهرة الطلابية بعض مناطق امدرمان وفي كل مرة تزداد المظاهرة عددآ وينضم اليها الناقمون علي الاوضاع. واتجهت المظاهرة بصورة مقصودة حتي وصلت الي ” جمعية ود نميري التعاونية ” التي يملكها مصطفي شقيق الرئيس النميري، وقام المتظاهرون بحرق الجمعية بصورة كاملة، واتجهت المظاهرة الي الخرطوم، كان هدف المتظاهرون ان يصلوا الي مطار الخرطوم وقبل اقلاع طائرة النميري ووفده المكون من(٤٨) شخص الي امريكا وليمنعوه من السفر باي طريقة ما، وبالفعل وصلت المظاهرة الي الخرطوم وتشتت المظاهرة الـكبيرة الي عدة مظاهرات فرعية بعد اانضمام موطني الخرطوم اليها، وسدت المظاهرات الطرق والشوارع الكبيرة، مما حدا برجال الامن الي تغيير مسار عربات الوفد الي طرق جانبية حتي وصلوا للمطار، واقلعت الطائرة باستعجال شديد قبل وصول المظاهرة العارمة.
٨-
ظلت المظاهرات مستمرة بلا توقف حتي يوم ٦/ ابريل ١٩٨٥مع سقوط عشرات الضحايا، ما جعل القادة في القيادة العامة يتدخلون منعآ لسقوط مزيد من القتلي والجرحي.
٩-
يا تري، هل تغير حال السودان اليوم عن حاله القديم في مارس عام ١٩٥٨؟!!
١٠-
مرفقات لها علاقة بالمقال:
(أ)-
خطاب نميري الاخير25مارس1985

(ب)-
بعد عودة جعفر النميري للخرطوم من القاهرة كمواطن عادي عام ١٩٩٩ ، ساله احد الصحفيين عن رأيه في حال السودان بعد غياب (١٤) عام قضاها في اللجوء بالقاهرة، ففرد عليه النميري “البلد خربان واقع في الواطة، ومافي زول بقدر يصلحها غيري!!”.
(ج)-
اثناء وجود جعفر النميري في القاهرة (١٩٨٥-١٩٩٩)، قام بعمل اتصالات سرية مع ضباط كبار برتب عسكرية عالية في القيادة العامة بهدف القيام بمحاولة انقلابية ترجعه مره اخري للسلطة، ولما تكررت المحاولات من النمير والتي كانت المخابرات المصرية علي علم تام بها، حذرته من استغلال وضعه كلاجئ لاثارة المشاكل مع السودان، خصوصآ ان حكومة الدكتور/ الجزولي دفع الله كانت قد تقدمت بطلب للحكومة المصرية باعتقال النميري وارساله الي الخرطوم للمحاكمة بتهمة قيامه بانقلاب عسكري ضد الوضع الديمقراطي وقتها عام ١٩٦٩….بعد كف النميري عن التدخل في شآن الوضع الجديد في سودان ما بعد انتفاضة ٦/ابريل ١٩٨٥.
(د)-
رئيس السودانى جعفر نميري مع عمر الجزلى – اسماء فى حياتنا -يحكى عن فترة حكمه…

2 تعليقات

  1. وصلتني ستة رسائل من اصدقاء علقوا فيها علي المقال، وكتبوا:

    ١-
    الرسالة الاولي من برلين:
    (…شوفوا بالله الزمن الوسخ عمل فينا شنو؟!!..بعدما ما كان السودان يحكم برئيس عسكري خريج الكلية الحربية برتبة مشير، اليوم يحكمنا حميدتي الجاهل الامي!!، ده كله غضب من الله تعالي علي السودانيين.).
    ٢-
    الرسالة الثانية من طوكيو:
    (…الرئيس الراحل جعفر النميري كان رجل بمعني الكلمة رغم الهفوات والاخطاء الكبيرة في زمن حكمه، كانت عنده شخصية وكاريزما قوية لذلك كان محل احترام وتقدير من كل رؤساء دول العالم، وكانت كل زياراته في الخارج تجد الاهتمام.).
    ٣-
    الرسالة من جدة:
    (…غادر النميري السلطة عام ١٩٨٥ والسودان دولة موحدة، وجاء بعده الرئيس المخلوع وقسم السودان الي قسمين!!، واليوم يحكم البلاد جنرال جديد كنا نتوقع منه الكثير وتحقيق انجازات في كل المجالات السياسية والاقتصادية والعمرانية، ولكنه مع الاسف الشديد سلم مقاليد البلاد لنائبه، واكتفي بالجلوس في الكرسي الوثير بقصر الشعب…لم تسقط بعد.).
    ٤-
    الرسالة الرابعة من لندن:
    (… هناك حقيقة لا ينكرها احد، ان الرئيس الراحل جعفر النميري هو احسن رئيس حكم السودان بعد الاستقلال. ولا يمكن مقارنته بالاخرين الذي حكموا البلاد سواء كان رئيس مدني او عسكري.).
    ٥-
    الرسالة الخامسة من الخرطوم:
    (…والله ياعمي الصائغ انت بحق “حقيبة التاريخ” علي وزن “حقيبة الفن”. وشكرآ علي مساهماتك القيمة في تنشيط ذاكرتنا الخربة. لو كان نميري مازال رئيس لحدي الان، لكنا ننعم بسودان كامل مكتمل. الفشقة وحلايب بتاعتنا، ودولة ذات سيادة كاملة لا تخضع لتوجيهات اماراتية او سعودية او مصرية. بلد يتمتع باحترام كامل من كل دول العالم. لكن ان شاء الله كل شيء يتصلح في المستقبل القريب.).
    ٦-
    الرسالة السادسة من الخرطوم:
    (… خطاب الرئيس الراحل النميري في مارس عام 1985 يعتبر اغرب خطاب القاه رئيس سوداني.
    الرئيس الليبي الراحل معمر كانت كل خطبه الموجهة للشعب تهديد وشتائم احيانآ خرجت عن الذوق العام!!. السادات في مرات كثيرة خرج عن الانضباط وشتم ولعن!!. صدام حسين هو الاخر كان وقح في كثير من خطبه!!….يبدو ان الرؤساء العرب الذين تخرجوا من الكلية العسكرية قبل استلامهم السلطة في بلادهم، درسوا في هذه الكليات مناهج دراسية علمتهم وكيفية تطبيق اسلوب البلطجة واستعمال كلمات التهديد والوعيد!!.).

  2. من قفشات ومداعبات جعفر النميري…
    ١-
    يقال والعهدة علي الراوي … انو إبراهيم نايل ايدام لما كان ضابط صغير عمل ليهو كارثة وصلوا الموضوع لي نميري قال ليهم ارفدوهوا قالوا ليهو سعادتك ده اول الدفعه، قال ليهم ارفدوا الدفعة!!!
    ٢-
    يقال والعهدة على الرواي..أضرب القضاة ذات عام طلب نميري كشوفات بالقضاة المضربين، أحضروا لهم كشفين، الكشف الأول بالقضاة المضربين، وكشف آخر بالقضاة الذين لم يضربوا وكان عددهم ( 10 ) قضاة، أمر بتنفيذ مطالب القضاة… وفصل القضاة الـ 10 غير المضربين باعتبارهم (جبناء)!!
    ٣-
    المرحوم جعفر نميري كان يعرف باسلوب متميز ـ ليس بالضرورة كان هو الافضل في معالجة كثير من القضايا. كما كان له اسلوب مميز في الاعلان عن تلك القرارات .. من الاشياء العالقة بالذهن إن اشتهر عن النميري رحمة الله عليه كان حين يريد التخلص من احد مساعدية من وزراء او خلافه ان يقوم بدعوته لتناول طعام الغداء معه .. واثناء ما الضيف يتمتع بكرم ضيافة الرئيس وهو يكاد يحسد نفسه من توهمه بانه اضحي من المقربين للرئيس النميري تقوم إذاعة امدرمان علي غير علم الضيف ببث خبر استقالته لظروف صحيه .. وقد اشتهرت (قفشات) المجموعات التي كانت تتوقع ان تتأثر سلبا وايجابا بقرارات النميري وطرق الاعلان عنها.
    فيحكي ان الرئيس النميري اراد ذات يوم التشاور مع نائبة المسيحي جوزيف لاقو.. . فرآة صدفة وهو خارج من مكتبه متجها الي عربة الرئاسة. فتوقف النميري وآخذ بيد جوزيف لاقو وقال له بصوته الجهوري المعروف عنه (جوزيف ارح .. اتغذي معاي في البيت) فما كان من جوزيف لاقو المعروف بسرعة بديهته وكان لمن لا يعرفه ذكيا لماحا وابن نكته إلا ان قال للرئيس نميري بعفوية مبالغ فيها (معليش يا ريس اعفيني … انا صايم الستوت …. .) فتوقف الرئيس النميري فاغرا فاه من الدهشة مستغربا كيف امكن ان يكون حوزيف لاقو دخل الاسلام وحسن اسلامه بالدرجة التي اصبح يصوم فيها النوافل وغيرها .. ولميصل الخبر للرئيس نميري والذي كان حريصا كل الحرص علي معرفة اخص خصائص حياة معاونية ومعارضية وغيرهم.
    ٤-
    على لسان الفنان أحمد المصطفى :: «سوف أحكي لكم قصة ولكنها ليست قصة أغنية ولكنه موضوع حقيقي حصل لنا في جنوب السودان في مدينة جوبا سنة 1972م، عندما ذهبنا مرافقين أنا وزميليّ حسن عطية وعبد العزيز محمد داؤود بمناسبة الذكرى الأولى لاتفاقية أديس أبابا».
    «وصلنا إلى مكان الحفل وكان قاصراً على الرئيس نميري وحرسه الخاص. «واستدرك أحمد» لكن يا جماعة أقول ليكم بصراحة كان كل ما يشغلنا في تلك الليلة أنا وحسن وأبو داؤود هو موضوع إطلاق سراح أخينا وصديقنا الفنان محمد وردي الذي كان معتقلاً سياسياً منذ انقلاب الرائد هاشم العطا في يوليو 1971م».
    وتابع أحمد المصطفى: «كنا نغني أمام الرئيس، ولكن المزاج ما كان تمام، لأن همنا الأكبر هو كيف ننقل للسيد الرئيس رغبتنا السريعة والأكيدة في إطلاق سراح الفنان وردي. والطريف في الموضوع أن الرئيس نميري كان مبسوطاً جداً وخصوصاً عندما يغني أبو داؤود، وبعد كل أغنية كان الرئيس ينادي على أبو داؤود ويقول: «تعال أقعد بالقرب مني وأحكي لي نكتة نكتتين».
    ويستطرد أحمد المصطفى: «في لحظة من اللحظات جاءني أبو داؤود وقال لي يا رئيسنا ويا عميدنا ما تكلم الرئيس بخصوص الفنان وردي»، فرددت عليه: «أنت يا أبو داؤود قاعد طوالي جنب الرئيس ما تكلمو أنت بطريقتك، وأنا وحسن عطية سوف نتولى الموضوع ونتابع معك».
    وأكمل أحمد المصطفى القصة بعد لحظات صمت: «ذهب أبو داؤود وجلس بالقرب من الرئيس، وقال بصوت خافض: يا رئيس موضوع وردي؟!! وهنا دوت القاعة بصوت عال من الرئيس نميري: أيوه وردي مالو؟!!، ورد عليه أبو داؤود بكل ذكاء واقتدار قائلاً: حتعدموه متين يا رئيس؟!!
    وفجأة تغير الحال وضحك الرئيس نميري بصوت عالٍ وضحك جميع الحضور حتى حسن عطية كاد يقع من الكرسي من كثرة الضحك. وفعلاً وبعد الرجوع إلى الخرطوم تم الإفراج عن صديقنا وزميلنا وردي بواسطة الرئيس نفسه، والسبب كلو ذكاء وخفة دم عبد العزيز محمد داؤود».
    ٥-
    النميري فارس الفكاهة السودانية
    https://www.alrakoba.net/556531/%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%8A-%D9%81%D8%A7%D8%B1%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%83%D8%A7%D9%87%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9

التعليقات مغلقة.