كل سنة وانتو طيبات

1
12
كمال كرار
كمال كرار

كمال كرار

تحية واحترام وتقدير للمرأة السودانية،وللنساء في كل أنحاء العالم على شرف عيدهن .. وأمنياتي للجميع بعالم خال من الإضطهاد والعنف تسوده المساواة والعدالة ..
وتحيات فوق العادة لصديقاتي المناضلات والزميلات والرفيقات اللائي جمعتهن بي دروب النضال ورفقة المبادئ .. فاستحققن أوسمة الإمتياز ..

وتحية للكادحات العاملات ..في المصانع .. وتحت الشجر .. وفي الخيام ..والحواشات .. لا يمنعهن البرد ولا المطر ولا هجير الشمس .. من قروشهن القليلة تبقى أسرهن على قيد الحياة ..
ولكن دعوني أخصص هذا العمود لواحدة من بطلاتنا المجهولات .. وإليكم الحكاية..

ركب التاكسي من بيتهم في أمدرمان إلى تلك الجامعة العريقة ليدفع رسوم تسجيل ابنه،فقيل له أن يذهب لنافذة البنك (الشهير) الكائن على إحدى ناصيات الجامعة،فالرسوم أصبحت تدفع عن طريق البنك، ونبهوه إلى أن اليوم هو آخر يوم لسداد تلك الرسوم .

لم يكن يدري كيف كانت تدور الأمور في السودان،وهو القادم في إجازة بعد سنوات طويلة في المهجر ..وهكذا وقف أمام نافذة البنك لدفع الرسوم، وكان قد تبقت (10) دقائق لموعد إغلاق البنك ..

طلبوا منه مبلغ (كذا) .. وكان ما معه ينقص (1500) جنيه عن المطلوب .. فقال للموظف (أدفعهم نيابة عني الآن وسوف اردهم لك اليوم أو غدا، ويمكن أن أترك بطاقتي أو تلفوني كضمانة).. فرد عليه (دا ما شغلي انت اتصرف وعلى العموم ح نقفل بعد شوية)..

خرج مهرولا على طول الشارع .. وجد (هذه البطلة الإنسانة) تحت ظل شجرتها وكانونها ومعداتها،فحكى لها وهو يلهث ما حدث طالبا المساعدة،مكرراً (الضمانة).. فتحت المطبقة على جناح السرعة وأفرغت كل مافيها على يديه قائلة (أجرى ألحق البنك أدفع وجيب الباقي)..

ذهب ودفع وأتاها بالباقي .. فأعطته قروش المواصلات .. ورفضت الضمانة قائلة (ياخوي الدنيا طارت !!!)
حكى هذه القصة وعينه تدمع وقال لولا (فلانة) لتم تجميد العام الدراسي لإبني…
ربما كانت هنالك عشرات القصص مثل ما حكيته الآن .. ولكن فقيرات بلادي هن الكريمات.. وعزيزات النفس .. ذوات الكبرياء السودانية ..

أراهم الآن في صف العيش (الردئ) الذي يطلق عليه مصطلح (مدعوم)،وهن تحت الشمس .. يقفن بالساعات لأنهن لا يملكن ثمن العيش (الأبيض) في البقالات .. وأراهم يمشين بأرجلهن المسافات الطوال لأن تذاكر المواصلات باهظة الثمن .. وأراهم في صفوف الصيدليات بحثاً عن دواء معدوم ..وفي كنبات الحوادث بالمستشفيات وهن يحملن صغيرا عليلا …
هذه الثورة .. حملت شعار العدالة .. والحياة الكريمة لكل الناس .. ولكن دون هذه الشعارات معارك متصلة .. سيخوضها الشعب بلا هوادة ..
كل سنة وانتو طيبات ومبسوطات

1 تعليق

التعليقات مغلقة.