مابين رحيل بهنس و حذلقةالسياسي الدقير

1
11
زهير عثمان حمد
زهير عثمان حمد

كل ما أقرأ مقال او اشارة بمقال لرحيل المبدع وصديقي بهنس غفر ربي له يعتصرني الألم واري مصيرا قريب من هذا المائل ها أنا غرفتي مقفرة كالقبر، باردة، ظلمتها قاسية وموحشة تطلُّ من شدقٍ مفغور، والريح خلف الباب تؤز كأرواح ثكلى، تولل، في ممر القبو الرطب المفضي إليّ نهايات الطريق دّقت في الظلام، فإذا ورائي أثنان وخمسون سنة تبتعد عنّي! الآن فقط أحسُّ بالضعف، يا إلهي! الأيام تفرُّ مني وأضأت شمعةً، ورحت أرقب، لهبها الكسول، يضيء بوهن غرفتي المعبأة بدخان السجائر، وزفرت الدخان، دوائر وتزحم أخرى متلاشية كأحلامي ككل شيء حولي ويمت لي و نزعت ثيابي، واغتسلت من تلك الرائحة النفاذة التي استباحتني هذا النهار رأسي ثقيل، ثمل، وجسدي يرتعش، لا بدّ أننّي شربت كثيراًحاولت ان اتذكر بهنس ، وغصت في بحر الفوضى أمامي زجاجات النبيذ الفارغة، فتات الخبز وأعقاب السجائر، بقع الشاي والمشروب فول الصويا، صور النساء العرايا على الحائط، بقايا حلة الليلة المطبوخة علي عجل ليتني اكلت منها أنّا جائع!

يا رب أنّا خائف. ضاع العمر

لا أعرف لماذا تداخل الاستهلال في حديثي الموجه إليك مع الخاص الضارب في خصوصيته ولكنها عادة نعيب ونحضر إنها ذهنية الدوريش فينا سيدي المبجل اليك هذا النص اعرف انك تحتفي بروائع الابداع وهو تحت عنوان المثقف و السلطة و بعمق الكآبة كتبه إبراهيم وهبة

المثقف رحلة في المجهول عالم

المثقف موتي في سربي- أكسر المألوف –الجبال الشامخة ملجأي

السلطة لعبة ممزوجة بالدم-أمر عادي -مظاليم في سجوني تفاهة -العدل من سمتي-المثقف سيفي قلمي- رفيق الدرب السلطة أمل المثقفين و حكاويهم المملة-ينتقدون من أجل الإنتقاد-و أول فرصة تتسنى لهم عندي حاضرون هكذا يراهم وهبه بكل ووضوح وبساطة

ونراكم سيدي انتم التغيير المفقود اليوم والابعاد عن أسباب ومسارات الثورة الذي عرفها السودان ماذا كانت مآلات هذه الثورة وما أدواركم كساسة وما هي أهم العوائق التي تواجه السودان الان لدخول مرحلة جديدة تحسون القول والكتابة ولكن الاضعف انجاز وفعل

نعلم أن البناء الديمقراطي ليس سهلا؛ يحتاج إلى زمن وإلى تغيير مستمر، كما يحتاج إلى قبول الآخر المختلف صحيح هناك حقائق موجودة من الصعب القفز عليها أو إنكارها، يجب التعامل معها في اعتقادي أن الفئات المستنيرة في المجتمع ما زالت غير مؤهلة بالدرجة الكافية للعب دور تاريخي في خلق المناخ الملائم للتغيير، لأنها منهكة بفعل الصراعات والانقسامات، وغياب النضج الفكري والسياسي، بالإضافة إلى هشاشتها وضعف مصداقيتها أمام مجتمعها
كما ساهم عدم التداول على السلطة، والتضييق على الحريات، وبقاء نفس الوجوه في إدارة دفة الحكم لسنوات طويلة، في خلق مناخ من القلق والإحباط واليأس لدى فئة كبيرة مننا هذا المناخ القاتل مهّد لاستقالة الطبقة المتوسطة والنخبة المثقفة الحقيقية من الساحة، وعجل بميلاد فئة جديدة، فئة همجية، فئة لا تؤمن إلا بالمصالح الآنية والشخصية، فئة لا تعرف من الوطنية إلا انتهاز أقرب فرصة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب والمنافع الشخصية والعائلية

ولنا له تاريخ طويل وتجربة تعرفها في تقسيم وتفكيك كل من يناوئكم، فقد نجحتم في تشتيت الكثير من الأحزاب وإضعافها وخلق بدائل لها، كما استوعب واستقطب وأعاد إلى صفوفه الكثير من الأصوات الشابة المعارضة حيث إن فشل منظمات المجتمع المدني وعجزها عن أداء مهامها الحقيقية ورضوخها لمختلف الضغوط والاستغلال السياسي الآني والمصلحي من طرف السلطة والأحزاب السياسية، ساهم في إنتاج وإعادة إنتاج نمط من القيم والسلوكيات التي تقوم على العنف والانقسام الاجتماعي

نعم نغضب منكم ونراكم صورة طبق الأصل لجيل السودانه وبجينتاتكم كل صنوف الفشل لا تتحدثوا عن معاناتنا لا تعرفونا نحن أبناء هذا التراب ونقول لكم وبصوت عالي (إن الذات السلبية في الإنسان هي التي تغضب وتأخذ بالثأر وتعاقب بينما الطبيعة الحقيقية للإنسان هي النقاء وسماحة النفس والصفاء والتسامح مع الآخرين)

لذلك اتركوا بهنس بقبره هناء واتركونا لكي نتعايش برحمة ولا نتقاتل وقبل النهاية والرحيل المحتوم اقول لك ان انهيار اليقين فيكم اضحي واقع ، وعن التحديات التي تواجه الأجيال الجديدة، المعركة لم تعد الدفاع عن الثورة بل صناعة قدر جديد بمفاهيم جديدة لم تتشكل بعد نحن في غاية الحزن والانكسار وكأننا نقرأ مأساتنا من كتاب القدر، وندرك أنه لا فكاك من المأزق القادم وفي خلفية تفكيري كانت صورة الحكيم الهندي العجوز تملأ المشهد، وهو يقعد ساكناً في انتظار مصير يعرفه، ويعرف أنه ليس في صالحه ولا في صالح شعبه، فيما يخرج الوافد الجديد من المشهد لينطلق في المجهول على حصان وحيد يحمله مع حبيبته وقليل من الزاد والماء والأمل، في مصير لا يتماهى مع مصير الجيل المهزوم

وانت ايها المتحذلق عالمك السياسية وعالمنا نحن هنا نصارع الواقع من اجل سودان افضل للجميع لنسا حزبيين وبنهس كان حزبه الإنسان يا سعادة المهندس

1 تعليق

  1. من يتاجر ببهنس من ايقظ بهنس من رقاده سيبقى رحيل بهنس عار فى وجه كل سوداني اما السياسيون فى بلادي فهم اقذر ما انتجته حواء فى بلادي وارخص من حذاء مهتري مرمي فى الزباله افاقون كزابون يبيعكون امهاتهم فى اول محطه لا امان ولاوطنيه لهم من يامن السياسييون المتعفنون فى بلادي اللا السذج والهمل بهنس الذي بكته الدنيا وسط اعلام لايجيد سوى التطبيل لرقصات البشير والحاشيه سيعاقبنا الله جميعا سكارى وشيوخ منابر يلبسون الذقن وسيلة عبور ويبكون علي الدين بكاء التماسيح على فرائسها بصراحه لا احترم اي سياسي ولارجل دين فى هذا الوطن كلاهم خطر على السودان

    ان موت الروائي والشاعر والفنان التشكيلي السوداني محمد حسين بهنس محزناً وفاضحاً لهذا التلوث الإنساني القاتل لورد التفاؤل ! ومع أنني لا أميل لثقافة الرثاء في جلد الذات فقد فاجأتني هذه الأسطر الحزينة لرثاء الإنسانية في موته المتجمد من شدة البرد على رصيف تلك الغربة الموحشة في فداحة الرحيل المترقب لنبض مفقود . فكيف تختبيء الكلمات البيضاء حين نريد سماعها في حياتنا . وكيف تغيب يد العطاء في تواري الأيدي ! أليس ممكنا إشاعة البهجة وغرسها في فضاء أوجاعنا وحين لا أحد يراك سوى ذاتك المفجوعة ! وهل من الصعوبة أن نؤازر ذلك الحزن ؟ و من السهل أن نخذل , و نحتفي بخيباتنا محاطة بالورود في القاعات الفارهة , وأن نصفق للمزيفين وننسى الإنسان فينا ! وفي هذا الوضع الحزين يرسم الموت اللوحة الأخيرة لبهنس كما يرسمها لكل المتعبين ليرينا كم نحن بحاجة إلى إنسانيتنا التي نخونها . بل أشبعناها خيانة . وليرينا الكرامة لموت يكشف خيباتنا بلغة تجسد هذا الرحيل الغارق في التشرد ملء الفجائع .. فلا كتف غير هذا الرصيف .. ولا دفء غير هذا العراء . في عجز مجتمعاتنا العربية عن توفير مأوى لمبدع كتب الشعر لمجتمعات لم تعد هي القصيدة ! ورسم الموت اللوحة الأخيرة الشبيهة بذاته التي انتهت كقطرة عرق عصية على جبين بطلة روايته راحيل يا لهذه المرارة التي اختزل الموت خيباتها . وكأن الأشياء تتضافر مع البؤس وتواعد الإضافات التعيسة في معطيات الزمن من المآسي والأوجاع , وتنسجم مع واقعنا العربي الذي يخون موته وسلامه ! يقول الأديب الفلسطيني الراحل غسان كنفاني ( إن قضية الموت ليست على الإطلاق قضية الميت .. إنها قضية الباقين ) ! وكم هي قضايا الموت المجاني في مجتمعاتنا العربية .. إنها الإدانة لهذا الوعي المزيف , و لكافة مؤسساته ولحظته التاريخية العاجزة عن إشاعة الفرح في عالمنا الضاج بكل هذه الخيبات وحيث يبقى الإبداع وحده الذي يملك نبوءته في خذلان ملهمه .. لقد خذل الملهم في موت بهنس تلك المروءة , ولم يتذكره أحد في موته الكريم الذي فضّل الرصيف أن يرافقه في محنة البرد والحاجة ! !فأين الرفاق في مصر الكنانة ؟ حين زار القاهرة ليعرض فيها لوحاته وفنه ويختارها فيما بعد مدينة لإقامته فكيف تخذل الرفقة في المدن الجميلة هذا البهاء ؟ وفي مدينة معجونة بالماء والإنسان . وأين هم الأصفياء و الأقرباء من حقيبة مؤثثة بالدفء والنعناع والحبق ؟ فلا منازل , ولا لمسة وداع للصوت الأخير ! يا لهذا الجحيم حين يسرب غيّه تاركا للرصيف أن يحنو! وللوطن أن يغيب , وللخذلان أن يتمكن . لقد انحاز بهنس النص لذاته في نبوءة الشعر وحس الفنان حيث يقول (بهديك الغربة .. هتاف الموتى وصمت التربة ) إنه الهتاف اللوحة الأخيرة لاختزال نبوءته .

    – آخر الكلام / من شعر بهنس :

    بهديك الفوضى .. شجار طفلين في ساحة روضة .. بهديك الغربة هتاف الموتى .. وصمت التربة .. بهديك حزنك .. وستات الفول أثناء الخمشة .. بعد إذن .. بهديك إحباطي ..
    حديث عابر في مركبة عامة بصوت واطي .

    بقلم / فوزية الحميد .

التعليقات مغلقة.