تأتي الذكرى (25) لوفاة الموسيقار مصطفى سيد أحمد وهو مازال يتألق في وجدان الشعب السوداني حضوراً وتأثيراً مصطفى يشبه المعادن النفيسة التي تزداد قيمتها مع الأيام, وكان في حياته يقف مع المواهب الجديده أنه كان يشجع الشعراء الشباب والصاعدين , ورغم رحيل مصطفى وخلو الساحة منه إلا أنه مازال بيننا الغائب الحاضر
كنت لا اعرف مصطفى كنت اسمع أغانيه واحبه كفنان ولكن عندما التقيته وجلسنا معا في القاهرة تمنيت ان لا أتركه ابداً وكان معي الاعلامي المعروف لقمان همام فطلب مني ان نذهب اليه في مدينة الجيزة وكان يحمل له بعض الوصايا من السودان وجلسنا وفي ذلك اليوم لم يات من يعكر لنا صفو تلك الجلسة الطويلة والتي تحدث لنا فيها عن السياسة وعن الفن وعن الادب والشعر وانساب فيها الزمن بيننا كحبات الرمل بين الاصابع فعرفت انسانا كريما شهما وملاكا وموسوعة من المعرفة وكان خفيف الظل حاضر النكتة ومنذ ذلك الوقت ادمنت الذهاب اليه حتى غادرت القاهرة
إتضح لنا بعد رحيله حقيقة حجم الكارثة والهجمة التترية الشرسة التي لحقت بالفن السوداني الأصيل بعد إنتشار مجموعة الخفافيش الغنائية التي إنطلقت في ساحة الغناء وإستباحت حتى كل تاريخنا الفني وكانت سبباً رئيسياً في هبوط الذوق العام وانتشرت الطحالب الفنية التي أفسدت الذوق الفني
إتضح لنا بعد وفات مصطفى إن العدد في الليمون وإن مائة مطرب من هؤلاء الخفافيش لا يصنعون مطربا واحداً موهوباً وإن الساحة ملئية بمئات الأسماء ولكنها خالية تماماً
وإتضح لنا إن مصطفى كان تياراً فنياً متكاملاً في كل شئ في الإحساس .. والأداء .. والقيمة ..
كان إحساس مصطفى من أكبر عناصر نجاحه وتفوقه وإلتفاف الجماهير حوله مصطفى يغني ويعني كل كلمة يقولها .. كان وهو يغني للحب يحب فعلاً … كان وهو يغني للوطن فكان مناضلاً حقاً ….وكان أداء مصطفى شئيا مميزاً وفريداً إختلف به عن كل مدارس الغناء التي جاءت قبله وبعده وكانت مدرسة جديدة ولن يتكرر وكانت القيمة الفنية هي الأساس الذي يرتكز عليه مصطفى في مسيرته كفنان
فكان في آخر أيامه عندما أشتد عليه المرض يقول للناس أنه مريض ولا يقدر وكانوا يعتقدون أنه يكذب ولكنه فعلا كان مريضاً جدا لكنه كان يتماسك ويتمنى أن يعيش حتى يكمل الأغنية… وعندما يسمع تصفيق الجماهير كانت تعود إليه حيويته ولا يصدق أحد أنه كان منذ لحظات يتأوه من الألم ..في احدى الحفلات كانت في ندوة في مدينة نصر كان متحدثا فيها دكتور حيدر ابراهيم وغنى مصطفى بالعود وسألته بعد انتهت الندوة هل صحيح رحلت يا استاذ من العمارة الى اخرى قال لي : رحلت امبارح وتعبت جدا وماكنت قادر اجي للندوة لكنني أُجبرت وقالي :ما شائف كيف الاهات دي كانت طالعة من جوووة في اغنية يانورا ( اااه)
ومازال مصطفى فارس الأغنية الأول ومازالت تطوف أغانيه كل بيت سوداني رغم إنتشار ألاف الخفافيش التي أفسدت أجيالا كاملة
وكلما عادت ذكرى مصطفى بكينا فيه عمراً جميلاً..وفنأ جميلا وإنساناً كان أجمل ما فيه الإحساس الصادق. المرهف رحم الله الفنان الانسان الملاك مصطفى سيد أحمد
ياسر عبد الكريم