أحزابنا بين الخطابة وأعمال الصرافة

0
6

جاء في أحد التعليقات التي قذفها عاليا أحد (الاخوان) من الفرع القصير (الشعبي) ، بأنهم سيفوزون في الانتخابات  القادمة بنسبة تفوق السبعين في المائة من اصوات الناخبين . هو علي قدر كبير من الصحة حيث العبرة في عالم اليوم بحجم الاموال التي ينفقها  الحزب في الحملات الانتخابية للفوز بأصوات الناخبين ، الانتخابات الامريكية يبدأ التنافس فيها بين الديمقراطيين والجمهوريين بحملات جمع التبرعات  ، صناعة جمع التبرعات لحملة الحزب الانتخابية يوظف لها أكثر العناصر خبرة وعلما وقدرة علي التأثير في التفاوض .

أحزابنا في السودان عرفت شراء صوت الناخب في انتخابات عام 1953م ، المخابرات المصرية وعبر مديرها الصاغ صلاح سالم  بذلت المال لاستمالة أصوات الناخبين للمرشح الذي يؤيد الاتحاد مع مصر. ثم في عهد نميري كان الاتحاد الاشتراكي هو القدح الكبير والقصعة التي تحلق حولها القوم يرددون (قائدكم مين— نميري) . اعداد المال للفوز بالانتخابات بصورة منظمة شرعه تنظيم الكيزان ، بنفس طويل وعلي نار هادئة تناثرت شباك جمع المال ، توزعت بين صرافات تعمل خارج السودان بأذرع داخلية وشركات تأمين اسلامي وبنوك لا تخفي وجهها في دعم الترابي وتنظيمه للوصول الي الحكم في السودان.

شبكة جمع المال عند الكيزان  للوصول الي الحكم لم تركز فقط علي كسب الانتخابات ، هي أيضا أضمرت وخططت للانقلاب العسكري وأخذ الحكم عنوة ودبابة تنطلق الي الاذاعة والقيادة العامة ، صاحب ذلك أيضا تخطيط لبذل المال عبر حملات اعتمار مدفوعة القيمة ومنح لكبار ضباط التنظيم ومن بينها عطايا لاستقطاب المؤلفة جيوبهم . نهج سارت عليه حركة الكيزان وهم في الحكم أيضا وما قصة مبارك الفاضل وملاسنته الشهيرة مع عوض الجاز عن مصير أموال البترول ببعيدة عن الاذهان ، سوق شراء الذمم شرع واسعا فتكالبت الحركات المسلحة الي حضن المؤتمر الوطني تعقد الاتفاقات وهي تعلم جيدا أن البشير وتنظيمه يفتقرون الي حفظ العهود واحترام المواثيق ، الا أن حاجة زعماء الحركات المسلحة والمعارضة عموما الي المال هي التي تدفعهم للحوارات خالية المضمون وافرة المردود المالي.

استقطاب المؤيدين عبر تزيين الخطاب الحزبي من علي منصات معدة في الهواء الطلق لم تعد بضاعة تثير الاعجاب . هو ما أراه صناعة يسير في دربها بعض زعماء الاحزاب التقليدية في السودان والبلاد تسير الي نهايات الفترة الانتقالية لتصل الي مشرع الانتخابات وكسب الدلاء. اعداد المال والوفير منه هو الطريق لهزيمة الكيزان في الانتخابات المقبلة ، ببساطة هم الاكثر مالا أفرادا وتنظيما لأنهم نهبوا أغلي ما يملكه السودان وهو الاراضي ، وزعوها بينهم بطريقة الشبكة العنكبوتية بحيث لا تصل لجان ازالة التمكين الي معظم تلك الاراضي ، هناك (جوكية) تم منحهم الاراضي بأعداد ومساحات كبيرة وبصعب الوصول اليهم أومنازعتهم حق التملك . الشركات سيئة الصيت التي تستقطع الجزء الاكبر من مالية الدولة تحت قبضة متنفذين من حركة الكيزان ثم أموال بيع بيوت السودان في الخارج وودائع أموال البترول ما زالت تحت قبضة الاخوان.

الترسانة المالية تحت تصرف الكيزان تمكنهم من كسب الانتخابات في أي بد في العالم ، ولكن لا يمنع ذلك من اعداد العدة المضادة لتحييد تلك القوة المالية وكسر شوكتها ، فعلي أحزابنا التقليدية طرح أسلوب الخطابة جانبا وتنميق العبارات لا يصفي كرتة الذهب ولا يجلب الدولار . تكوين شركات موازية تنافس شركات الاخوان تنشط في ذات المجال ينزع قسما من السوق من شركات الكيزان ويدفع بالية السوق التنافسية للعمل ويمكن تحييد الدور السيادي لشركات الكيزان عبر المطالبة بتفعيل حوكمة الشركات والدفع بقوانين الشفافية و المطالبة بضرورة اشراف المراجع القومي علي نشاط الشركات التي تجنب المال العام أو ما يكون للدولة أسهم فيها بأي قدر وليس تحديدا نسبة حد أدني.

الاحزاب التقليدية ينتظرها دور تتخلي فيه عن التثاؤب حتي الساعة الخامسة والعشرون ثم تبدأ في الاستعداد للانتخابات في موسمها.

اعداد حملات تعظيم أموال الاحزاب  التقليدية أيضا يكون بالطواف علي الاقاليم وتشجيع قيام الجمعيات التعاونية وعبرها استقطاب الشركات العالمية الكبيرة لرفع المساحات الزراعية في المحصولات التقليدية مثل الذرة والفول والسمسم وإدخال الحفظ عن طريق  تقنية الصوامع الحديثة للتحكم في السعر وعرض المحصولات ، وفي الذرة يمكن تشجيع صادراتها الي دولة جنوب السودان وهي مهمة يمكن أن تترك للمزارع الفرد ويحقق فيها نجاحا.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مخلصكم /