بالطبع، أنّ إعتذار “الولاية” مُوجّه إلى الناس الذين لن يشاركوا في المسيرات، الذين ستتقطّع بهم السُبُل في ذلك اليوم فيقبعون في بيوتهم! وبالطبع أيضا، أن الإحتراز هو من الثوّار الذين سيخرجون في المسيرات التي ستطلب من أطراف الحكم بأن يحقّقوا الشعارات التي بها ومن أجلها قاموا بثورتهم التي أزاحت “البشير” وبعض أعوانه من المشهد.. الشعارات التي كان في مقدّمتها: مدنيّة، حريّة، سلام وعدالة. قلت أنّ الإحتراز كان من الثوّار، لأنّ السُلطات تعلم علم اليقين، أنّهم قادرون على حماية مسيراتهم من أن يتسلّل لها بعض الفلول، ناهيك عن تعريض الحكومة الإنتقاليّة للسقوط.
أمّا فيما يخص وزارة الثقافة والإعلام – وبصرف النظر عن مشروعيّة إنشائها أصلا – فهي تعتذر للإعلاميين، مع كامل الإحترام لهم، الذين يكتبون بالحبر، ولم تعتذر لمن كتبوا ومهروا شعارات ثورتهم بالدمِ المُراق! إنّ الثوّار ولجان مقاومتهم رفعوا شعار “سلميّة” في عزّ القتل الذي مارسه نظام البشيروسدنته لهم والتنكيل بهم؛ فما بالك واليوم حين صار التظاهر وحريّة التعبير مكفولة للجميع بحسب الوثيقة الدستوريّة؟!
السيّد/ وزير الثقافة والإعلام هو الناطق الرسمي بإسم الحكومة، لكنّه لم يتحدّث بإسمها عن حدثٍ جلل مرّت به جموع الثائرين، وإكتفت وزارته بالإعتذار عمّا قامت به الأجهزة الأمنيّة، وكأنها (الوزارة) هي المتحدّثة بإسم الجيش والشرطة والدعم السريع!
نعم، من الواضح أنّ الأجهزة الأمنيّة خارج سلطات الحكومة المدنيّة.. فهل ستحدّثنا بشفافيّة هذه المرّة، ولتخبر الشعب السوداني بأنّ “السيادي” الذي تسيطر عليه لجنة البشير الأمنيّة، هو صاحب الحل والعقد؟!!
وعند هذا الحد لن يكون أمام الثوّار/ الثائرات مِن خيار سوى أن يخرجوا من جديد.