قنعنا من العدالة في البلد دي

1
12
ياسر عبدالكريم
ياسر عبد الكريم

قنعنا من العدالة في البلد دي

منذ فترة طلب مني شخص في السودان مبلغ من المال بحيث سيقوم بإرجاعه مجرد ان ينهي ضايقته المادية وعندما عجز السداد في الوقت المحدد وعلمت ان هناك مجموعة من الضحايا طلبت منه كتابة شيك بالمبلغ ليثبت لي مصداقيته وبالفعل كتب شيكا ودخلت في محكمة بهذا الشيك وبدأت الجلسات المملة الشي الوحيد الذي لم يخطر على بالي وعلى بال المحامي المخضرم ان يحكم القاضي بالبراءة لهذا الشخص .وحكيت هذه الواقعة الى صديقي المقيم في دولة اوروبية استغرب هذه الواقعة وانداح في الحديث والامثلة.

تذكرت هذه الواقعة عندما قرأت الحكم القاسي الذي صدر ضد شباب فيد للفنون والبلاغ الذي تقدمت به زميلتهم دعاء التي قالت (قنعنا من العدالة في البلد دي) ضد رجل المباحث الذي اعتدى عليها فلم يتم البت فيه وتم حفظه. ووجدتني أتساءل لماذا تصرف القضاة بهذا الشكل الغير طبيعي؟ ولماذا لا تجد الشوارع تفيض بمن يطالبون بالعدالة لهؤلاء الشباب او لغيرهم ؟

الاجابة ان احساسنا بالعدالة في السودان أقل بكثير من الاحساس بالعدالة عند الغربيين او اي دولة اخرى . السبب انه المواطن الغربي يعيش في مجتمع ديمقراطي حيث الحقوق والواجبات محددة واضحة والقانون يتم تنفيذه على الجميع بدءا من رئيس الدولة وحتى أبسط مواطن، وبالتالي فان احساسه بالعدالة حاضر تماما وهو لايقبل الظلم وبالتالي يرفض أن يمارسه على الآخرين، لكن نحن نشأنا في ظل الاستبداد ومازالت اثاره تلاحقنا وخلال تلاتين سنة كانت العدالة ضعيفة أو منعدمة. وان حياتنا اليومية تشهد عشرات المظالم التي اعتدناها وصرنا نتعامل معها باعتبارها حقائق الحياة لذلك اذا حكيت هاتين الواقعتين لأي مواطن في اي مناسبة او أي موقع قد لا تجده يستغرب او يتعاطف وهنا المصيبة لان الناس تعودوا على الظلم وتأقلموا معه , والمواطن الذي يتقبل الظلم ويتأقلم معه سيعيد انتاجه غالبا على الآخرين بمجرد أن يصل الى موقع السلطة وهذا القاضي الذي حكم علي قضيتي او الذي حكم على شباب فيد للفنون حصل على منصبه بفضل تعاونه مع جهاز الامن وهو لم يتوقف في النفاق لرئيسه حتى يظل في منصبه ومكانه فمثل هذا لا تتوقع منه الموضوعية او النزاهة وطبعا هناك قضاة عاصين على كل الظروف وتميزوا بالنزاهة والشجاعة ودفعوا ثمن ذلك لكنهم للأسف أقلية لايقاس عليها

ان تمثال سيدة العدالة الروماني الشهير يمثلها وهي تمسك بالميزان في يد وفي اليد الأخرى سيف، بينما عيناها معصوبتان لأنها تنفذ القانون على الجميع بغير أن ترى أشخاصهم ولا مكانتهم. لكن عندما تكون عينها مفتوحة كسيدة العدالة السودانية تنفذ القانون فقط على الضعفاء وتمتنع عن تنفيذه على الأقوياء. فنفذته فقط في شباب الثورة وحتى اللحظة لم تنفذه في الفاسدين والقتلة ولقد صدر الحكم على قتلة الاستاذ أحمد خير فلم يتم تنفيذ الحكم عليهم حتى الان فهل يتم استعمال القانون على هوى السلطة بدلا من تنفيذه؟

عندما يتساوى السودانيون أمام القانون عندئذ فقط سيبدأ المستقبل لأن مشكلتنا ليست فى قلة الموارد أو في قلة الطاقة البشرية إنما مشكلتنا تتلخص فى كلمتين:-غياب العدالة-

ياسر عبد الكريم
[email protected]

1 تعليق

  1. ما اقول إلا صدقت انه لاتوجد عدالة فى السودان وكلها مماطلة ومماحكة وروح وتعال وروح وتعالى حتى يكرهوك فى الحق ولو كان لك وبافعالهم هذه ذكرونى حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم بخصوص القضاء ان هناك ( قاضيان فى النار وقاضى فى الجنة ) ولو كان معنا اليوم صلى الله عليه وسلم لقال الثلاثة قضاة فى النار لانهم والله يمارسون العذاب على الناس والمماطلة مما يدفعهم بان يترك صاحب الحق حقه لانه لم يعد يملك حتى حق المواصلات التى يصل بها للمحمكمة لكثرة التكرار وان ما معه من نقود قد نقدت مما يدعه ان يترك حقه الباين والكان مفروض يتم الحكم له من اول يوم ويجب ان اذكر القضاة ايضا بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم (بانه من ولى من امر امتى امرا فشق عليهم اللهم اشقق عليه ) ولكل شغال فى اشقاق العباد وارهاقهم بحكم منصبه الذى سوف يكون وبالا عليه يوم القيامة بحكم هذا الحديث .

التعليقات مغلقة.