إن محاولة العقل البشري اليومية لِفهم الأشياء، تحتاج الي عملية الإدراك، و عملية الإدراك هذه بدورها تحتاج الي تسليط نُور معنوي كاشف، يُمحص طبيعة الأشياء، و علاقاتها، و الحكمة من ورائها و قِواها الإرتكازية.
ذلك النُور المعنوي الكاشف، يُمكن أن ينتقل مُغلف داخل الكلمة المنطوقة و المكتوبة، أو داخل المُوقِف الحياتي و الصُور المختلفة، و الصورة نفسها يمكن أن تكون مصنوعة أو طبيعية أو ثابتة أو مُتحركة أو تمثال أو أيقونة، و تكمن مهمتنا نحن في إلتقاط رسائل المَعنَي المُسلطة بإستمرار.
الإنسان بطبعه يميل الي التَلقي و الأخذ، و عالم المعني بطبيعته يميل الي العطاء للإنسان، لتحقيق كفايته و إسعاده بإستمرار في حياته، لأنه لا يوجد شيء مادي واحد يمكن أن يضمن السعادة الأبدية للإنسان إلا الإتحاد المستمر بعالم المعني، و النَهل منه.
لذلك، لكي يقترب الإنسان من عالم المعني و يتحد معه، عليه أن يعمل ضد طبيعته البشرية، و يتحول الي حالة العطاء و إشراك الآخرين، بدلاً عن حالة الأخذ للذات فقط، و من ثم يسمو الإنسان فوق الأنا الذاتية و برمجتها الضيقة المحدودة.
بإتحاد الإنسان بعالم المَعنَي، يصبح لِحياته قِيمة و هَدف محددين، و يرتفع مستوي الوعي و الإدراك لديه لأقصي درجات ممكنة، و يصبح في حالة جِدال مُستمر مع عالَم المعني من جهة و مع الأنا الذاتية و ظِل الوعي الخاصتان به، و اللتان تحاولان بإستمرار حجب المعني و النور اللامتناهي للوجود عند محاولة إدراك الإنسان للأشياء.
هذا التحول في النوايا الفردية، من الأخذ الي العطاء، يُمَكِن الإنسان من اكتساب حاسة سادسة جديدة، تجعله اكثر حساسية في تعاطيه مع الأشياء المحيطة به، و قدرة أكبر علي إدراكها و فهمها، و الإحاطة بمعانيها، و علاقات الترابط بينها، و قواها الإرتكازية التي تَقِف خلفها.
إن الوجود المادي الذي نَراه و نعيشه اليوم، بكل تمظهراته و علاقاته و نُظمه الإجتماعية، هو نتاج لتراكم كم هائل من المعاني المتشابكة المتناسلة لعصور قديمة، و التي ظلت بإستمرار تعمل بصورة آلية في تحريك الوجود المادي، حتي في حالة غياب او موت الأشخاص الذين اكتشفوا أو إتحدوا مع تلك المَعانِي.
واجبنا نحن، هو أن نكتشف المعاني الخاصة بِنَا، و من ثم محاولة التعرف علي معاني الآخرين، ما أمكن، و محاولة الإتحاد مع عالم المعني العريض، ليتحقق لنا الخلود في عالمه الأزلي السرمدي.
إن ولادة شخص جديد معاصر اليوم، يحمل نفس جوهر المعني السابق لشخص آخر مُفارق منذ قرون، يعتبر بمثابة إستنساخ لروح و معني ذلك الشخص الفاني، في تمظهر جسد جديد.
في عالمنا اليوم، كل شيء مُتمظهِر يُبني علي المعني، حتي و إن كان معني ذاتي، و لكننا يجب أن نتساءل عن مصدر ذلك المعني الذاتي، من أين أتي ؟ و كيف تَشَكل ؟ و ما هي المعاني المتشابكة الأعلي منه ؟ التي أدت الي توليده و من ثم تحقق تمظهراته في واقعنا المُعاش، و ما هي القِوي الإرتكازية التي تَقِف خَلف المعني.
يُمكن النظر الي المَعنَي هنا، علي إعتبار أنه العلاقة بين الشيئ المُتمظهِر و القوة الإرتكازية التي تَقِف خلفه، بإعتبارها جوهر للمعني، خارج حدود الزمان و المكان.
إن عالم المعني، يعتبر بمثابة جزور متشابكة لشجرة وجودنا المادي المعكوسة المتفرعة الي الأسفل، أو يمكن تشبيه عالم المعني بحزمة النور الذي يشكل الصورة في مرآة الوجود المادي، بإعتبار أن الوجود المادي مجرد إنعكاس لعالم المعني، و قِواه الإرتكازية.
كما أن للوجود المادي المُتمظهِر قوانين و نُظم تَحْكمه، فإن لِعالم المعني نفس قوانين و نظم الوجود المادي، لأن الأخير إنعكاس للأول، كعلاقة الشيء بصورته، و علاقة الجزور بالشجرة.
أيضا يمكن إعتبار عالم النور و المعني، بمثابة سماء و عالم علوي لعالمنا المادي السفلي بتمظهراته المختلفة، و إعتبار أن الإتصال الكامل بعالم المعني هو مُفسر و مطابق لظاهرة الوحي البشري، و التي تحدث من أجل معرفة حكمة المصدر اللامتناهي للمعاني، و تمام عِلمه و عظمة قدرته، بإعتباره القوة الإرتكازية الموحَدة الضامة التي تقِف خلف كل المعاني، أو بإعتباره جوهر المعني.
لكي يصل الإنسان الي إدراك المعني، عليه أن يتحرك في حياته اليومية من منطقة وعي مُرتفعة مبنية علي نية العطاء للآخرين، بدلاً عن نية الأخذ منهم، و عليه محاولة إضافة قيمة مجردة إضافية لكل عمل يقوم به، و تسخير مواهبة التي يتمتع بها من أجل خدمة الإنسانية من حوله، و التخلص من وعي الضحية التي تحاول دائماً البحث عن مبررات و أعزار، و إطلاق الأحكام علي المواقف و الأشخاص الآخرين بدلاً عن التعاطي الإيجابي الواعي المتأني مع المستجدات الحياتية في المواقف المختلفة، بعيداً عن ردود الأفعال العمياء السريعة الغير مدروسة.
من ذلك كله، يمكننا إستنتاج أن هدف الانسان في هذه الحياة في إطار رحلة البحث عن المعني، يُمكن أن يتمثل في شيئين و هما: محاولة تصحيح العيوب و النواقص الشخصية الموروثة و المكتسبة، بحكم التنشئة الاجتماعية و البيئة المحيطة، بخلق جدلية بين هذه النواقص الشخصية و التحديات اليومية، و من ثم السيادة عليها، و في نفس الوقت محاولة القيام بمشاركة المواهب و القدرات الفردية المختلفة الموروثة و المكتسبة مع الاخرين، كهدف حياتي ثاني، لأن ذلك يطور المواهب و يكسبها أبعاد جديدة، في تفاعلها اليومي مع الواقع المعاش، و يعرضها للإختبار المُستمر.
بإدراك الإنسان لذلك الهدف الحياتي السامي، و السيادة علي نفسه، يصبح متناغماً مع نواميس الكون و قوانينه، و يمتلك القدرة علي الإستماع للماضي لأخذ الدروس و العِبر، و المقدرة علي إستقراء المستقبل للتنبؤ، و في نفس الوقت يظل متحداً مع معني حاضر اللحظة حيث لا مكان و لا زمان و لا صُوَرْ، لأنه يدرك أن الماضي مُجرد تأويل، و أن المستقبل مُجرد خيال، و أن ظاهِر اللحظة مُجرد وهم و خِداع بصري.
بهذا يتحول ذلك السيد علي نفسه، المُتخم بالمعني، الي إضافة حقيقية للإنسانية جمعاء، و روحاً محركة و ملهمة لها، و مستودعاً لأسرارها و حكمتها، و تجسيداً عملياً لمعاني الأخوة الإنسانية الصادقة في إطار الجسد الإنساني الواحد متعدد الخلايا، الباحث عن الكمال و الإتحاد بالمعني، و الاتصال بالجوهر مصدر المعني.
عالم النور و المعني.
الفصل ١٩ من كتابي: علمنة الدين و علمنة التصوف.
الصادر من دار نور للنشر في ألمانيا.
يونيو ٢٠١٧ م. متوفر في أمازون.
د. مقبول التجاني
[email protected]
انت يا دكتور افصح عن نفسك وقول انا ملحد ، ما تقوله هذا عين الالحاد ولك الحق في انت تقول انا ملحد وان تلحد او تؤمن بالله ولكن لا تتدثر بحديث وكلام دون ان تفصح عن قناعاتك وحديثك هذا عن الإتحاد والحلول هو ما قال به وصرح به الملاحدة قبلك وليس بجديد ولا اتيت باي معني جديد لكن خليك واضح مع القارئ وانت تكتب له ان هذه افكار الحادية لا تؤمن بوجود الخالق عز وجل فهل تقدر علي الافصاح عن ذلك لا اظنك بالشجاعة تلك
(إن الوجود المادي الذي نَراه و نعيشه اليوم، بكل تمظهراته و علاقاته و نُظمه الإجتماعية، هو نتاج لتراكم كم هائل من المعاني المتشابكة المتناسلة لعصور قديمة، و التي ظلت بإستمرار تعمل بصورة آلية في تحريك الوجود المادي، حتي في حالة غياب او موت الأشخاص الذين اكتشفوا أو إتحدوا مع تلك المَعانِي.)
هل المعاني المتشابكة الناتج عنها نظم الكون الاجتماعية هي التي تحرك الكون آليًا ، بالله عليك انت مقتنع بكلامك هذا وكلامك هذا هو ما اورده ابن عربي في كتابه فصوص الحكم اظنك اقتبست ذلك منه وهو بلا شك كفري والحادي حكم به علماء المسلمين علي مر الازمنة ولم يقره حتي اليوم عالم مسلم
لعلك لم تفهم ما هو مكتوب.
الإتحاد يكون مع المعني، و ليس مع المصدر.
نور المعني صادر عن المصدر جوهر المعني، و ليس جزءاً منه.
بإستطاعة القمر الإمتلاء بضؤ الشمس و عكسه من غير إتحاد و لا حلول.
علاقتنا مع المصدر هي علاقة صلة و إتصال..
أعد القراءة…
ماهو المصدر ؟ وما هو نور المعني ؟وكيف تكون الصلة ؟ وماهو جوهر المعني ؟
انت تخطرف يا دكتور . نتمني لك الهداية من الله عز وعلا وجل عن كل مشابهة ونظير خالق الكون ورب كل شي ومدبر الامر واليه يرجع الامر كله المعبود بحق لا اله الا هو وسع كل شيء علما سبحانه وتعالى عما يشركون
هل كتابك هذا يا دكتور موجود في أمازون باللغة العربية؟ إذا باللغة العربية فيؤسفني أن أعلن أنه يحتوي على كم هائل من العامية السودانية اللسانية مثل كتابة ونطق كلمة الجزور وأنت تقصد بها الجذور طبعاً. وغض النظر عن القيمة العلمية (المضافة!) لأطروحاتك في هذه الكتب، إلا أن هذا سيعتبر عيبا كبيراً إن لم تكن قد دفعت بكتبك هذه إلى مدقق لغوي لتصحيحه قبل نشرها في دور النشر والعرض العالمية هذه مثال أمازون!
المشكلة وين في الكتابة بي العامية ؟
ليه ما قادر تشوف غير خطأ إملائي صغير أي برنامج ويرد قادر علي تصحيحه تلقائياً.
الرجاء الإرتفاع لمستوي النص و مناقشة الأفكار…
تقصد الارتفاع لمستوى المعنى وليس النص، لأن النص هو هذا الذي انتقدناه لاحتوائه على مفردات تعتبر من الأخطاء العامية الشائعة عند المثقفين، مع أن الارتفاع لمستوى المعنى لا يكون إلا عبر النص بمفرداته الصحيحة. لو كنت تكتب بالعامية فلا حرج ولكنك تكتب في موضوع فلسفي بنية نشره عالمياً عبر دور النشر العالمية باللغة العربية الفصحى فلماذا تستنكف وأنت باحث علمي ينبغي أن تكون قد تعلمت من اجراءات البحث العلمي بالإفادة من ذوي الاختصاص في جوانب البحث المختلفة خلاف فكرة البحث طبعاً وموضوعه ونتائجه كالمدققين اللغويين لمراجعة سلامة النعبير اللغوي، فاللغة هي حامل الفكرة والباحث مسئول حتى عن الأخطاء الطباعية في نهاية المطاف ويلام عليها لأنه كان مسموحاً له بالاستعانة بالمصححين.
أما قولك بأن ما أشرتُ إليه بأنه (خطأ إملائي صغير أي برنامج ويرد قادر علي تصحيحه تلقائياً) فهو غير صحيح وهو مكابرة منك، فبرنامج لا يصحيح مثل هذه الأخطاء (استخدام الكلمة الصحيحة في غير موضعها) بل لا يعتبرها خطأ فهو ليس برنامجاً لتصحيح المفردات حسب السياق فكلمة جزور كلمة صحيحة تعني ما هو صالح للذبح من الابل ولكنك تعني الجذور بمعنى الأصول وما شابه
لقد أفحمتنا.
قبلنا نصيحتك الغالية.
مع تقديري…
إذن من الواضح أن الشعوب لا تحركها قضايا جزئية مثلما تحركها قضية قومية على مستوى التحدي من أجل نهضة شاملة ومناطحة الاستكبار العالمي والاستقلال الوطني. إذن المطلوب أن يرتفع سقف الطموحات، سقف الأهداف السياسية، سقف الرؤية الشاملة التي تنظر حولها في الإقليم وفي العالم. ولقد بلغ الإسفاف السياسي درجة من الانحطاط لا يوصف حين يخترق صحيفة الراكوبة شخص إسرائيلي يسمى نفسه د. مقبول التجاني – اسم مستعار ودكتوراه مستعارة- ويطالب استعادة حلايب استعانة بإسرائيل.
يقول الأبله ويستعير ويستخدم لغة العبيد كي يجرنا إلى مغامرة غامضة: (نعم لن نستطيع استعادة حلايب من قبضة الدولة المصرية العميقة إلا بالاستعانة بدولة إسرائيل في ظل المعادلة الإقليمية الحالية بغض النظر عن مشروعية أو مدي صحة تلك الاستعانة).
طلعت يهودي يا ابن الكلب ابن العاهرة قبحك الله
هل دينك بسمح ليك بشتم أهل أبرياء لشخص تظنه مخطئ ؟
بعدين شوقي البتقتبس من كلامو دا شيعي معروف..
التعليقات مغلقة.