هذه الأيام و نحن نعيش إحتفالات الذكرى الأولى لثورة ديسمبر 2018 المجيدة و نسترجع أحداثها الجسام و نقيّم مسارنا بعد نجاح الثورة و هل حققنا أهداف الثورة أم لا زلنا نكابد في سبيل ذلك . لقد كنا نحن الثوار مفكريها و مفجريها و حماتها و لكن إقتضت مجريات الأحداث أن يكون لنا شركاء من العسكريين قد إنحازوا لثورتنا و تقاسموها معنا .
لقد كتبت في صفحتي في الفيسبوك مدونات عبارة عن يوميات لمسار الثورة خاصة منذ اليوم الأول لإعتصام القيادة العامة , و كان الغرض من ذلك عكس ما يدور من حراك للمغتربين في المهاجر و انا اعرف الكثيرين منهم بل و كنت منهم , و عندما كانت هذه الكتابات متوزعة في صفحتي في الفيسبوك و في الصحف و المواقع الإلكترونية السودانية فقد آثرت أن أسهّل علي القارئ الوصول إليها , و لذلك سوف اقوم بنشرها متعاقبة في الأيام القادمة , لعلها بذلك تكون فائدة لمن يرجو متابعة أحداث الثورة من الناحية التوثيقية و أيضا تكون لي مشروعا لكتابٍ قادمٍ عن ثورة ديسمبر إن شاء الله . إن ثورة ديسمبر لم تأت من فراغ و لذلك سوف أضمنها بنقل ما سبقها من حراك ثوري من مختارات من مقالاتي السابقة في هذا الخصوص …
هذه المدونة قد كتبتها من وحي ساحة إعتصام القيادة العامة في يوم 03/06/2019 :
فجر اليوم 03/06/2019 الموافق 29 رمضان بدأت عملية فض اﻹعتصام أمام القيادة العامة للقوات المسلحة بعد أن إستمر لمدة 57 يوما منذ 6 أبريل الماضي , و قد قامت بعملية فض اﻹعتصام قوة مشتركة من الدعم السريع و اﻹحتياطي المركزي و اﻷمن و كتائب الإنقاذ , و يؤكد البعض أن الجيش لم يشترك في الهجوم بل تم سحب سلاحه و سد بوابات القيادة العامة بعربات الدعم السريع ، و كان الهجوم ضد الثوار بالغازان المسيلة للدموع و الرصاص الحي و الهراوات و خراطيش البلاستيك و كان الضحايا كثر بين شهيد و جريح و قاموا بحرق خيام المعتصمين في الساحة و صارت النيران مشتعلة و الأدخنة تغطي المنطقة كما تعودوا أن يفعلوه بسياسة اﻷرض المحروقة في دارفور عندما كانوا يعرفون بالجنجويد و تشير أصابع اﻹتهام إليهم في مقتل شهداء مظاهرات سبتمبر 2013 . بعد الفجركان وقت الهجوم و هو الوقت الذي تكون فيه أعداد المعتصمين أكثر قلة و فد خططوه أن يكون لذلك .
اﻷسباب التي إستدعت الهجوم الغادر هي مفتعلة و تتمثل في اﻹنفراط اﻷمني في منطقة كولومبيا في شارع النيل تحت جسر النيل اﻷزرق ( كوبري الحديد ) و هي منطقة مويؤة بتجارة المخدرات و الخمور منذ ما قبل الإعتصام و روادها من الجنود و المدمنين غالبا و كانت تحدث مشادات بينهم و يطلقون النيران فيصاب الضحايا من المواطنين اﻷبرياء و هي خارج نطاق اﻹعتصام و إستغلها المندسون من أتباع النظام البائد و من صبية عصابات النيقرز لخلق الفتن كرميهم بالحجارة على السيارات المارة و المتوقفة و تكسير زجاجها ثم الجري و اﻹحتماء بالمعتصمين لإلباس التهمة عليهم و قد حدث أن حطموا عربة تاتشر تابعة للدعم السريع ثم إحضروا أجزاء منها كغنائم لساحة اﻹعتصام .
الوضع في نهار اليوم متأزم فعدد القتلى 13 و الجرحى 116 شخصا حتى اﻵن أما الثوار فقد إنتشروا في شوارع الخرطوم و قد سدوها كلها بالمتاريس و الخرطوم اﻵن في شلل تام , و قد جمدت قوى الحرية و التغيير المفاوضات مع المجلس العسكري اﻹنقلابي و إعتبرت كل شوارع و مدن العاصمة و الوﻻيات ساحات للثوار و دعت للعصيان المدني الشامل . اللهم أرحم و تقبل شهداء 29 رمضان 2019 كسابقيهم شهداء 28 رمضان 1990 و بقية الشهداء و المجدلسوداننا رغم أنف اﻷعداء !
د. عمر بادي