من وحي تسريب العربية..شلة الحكومة البائدة

2
13
حيدر المكاشفي
حيدر المكاشفي

قيل في البدء أن من يقررون في مصائر البلد ويقرون سياساتها وتوجهاتها كانوا أربعين إسماً، وكانوا هم الحاكمين الفعليين للبلاد أُطلق عليهم مسمى (المجلس الاربعيني)، ورويداً رويداً بدأت الدائرة الحاكمة تضيق وكان في ضيقها سعة وتوسع لمن ظلوا داخلها فاطلق عليها المفكر الراحل محمد أبو القاسم حاج حمد اسم (المنظمة داخل المنظومة)، أما الدكتور الطيب زين العابدين الاسلامي العريق والاصيل والكاتب الصحفي الأشهر فقد أطلق عليها مسمى (الشُلّة) وقال أن عدد أفراد هذه الشُلّة الحاكمة يتراوح ما بين خمسة إلى ستة أفراد دون أن يسميهم وطالب بتغيير نمط حكم الشلة الذي كان سائدا، ولم يترك دكتور الطيب لحزب المؤتمر الوطني في الحكم نصيب سوى اللافتة التي تعلو داره، ولم يترك لكل هيل الوزارات وهيلمان الوزراء سوى حق البصمة على ما تقرره هذه الشلة، ورغم هذا الدور الكبير والخطير لهذه الشلة القابضة والمستحكمة في كل شيء والتي يهم أفراد الشعب جداً التعرف على من كانوا يحكمونه بحق وحقيقة، إلا أن دكتور الطيب تمنّع عن ذكر أي إسم فيها بفرضية أنهم معروفون، ولكن عني شخصياً لم أكن أعرفهم على وجه اليقين، كان يمكنني فقط أن أخمن أن فلان وعلان وفلتكان من هذه الشلة، ولكن ذلك سيبقى محض تخمين قد يصدق كله أو يخيب كله، أو قد يصدق بعضه ويخطيء بعضه الآخر وفي كلتا الحالتين تظل الحقيقة اليقينية غائبة، ما استطيع التيقن منه مثلاً أن فلان رغم أنه شغل فى فترة منصب الناطق الرسمي باسم الحزب الحاكم ليس منهم ولا غندور ولا مندور دعك من مسار ونهار، بل أن أسماء كثيرة وكبيرة ممن كانت تحتشد بهم الحكومة والحزب الحاكم كنا نظنها من أهل الحل والعقد وأصحاب القرار والكلمة ستكون كلها خارج هذه الشلة الضيقة جداً التي لا يتجاوز عدد أفرادها الستة، حسناً، لقد كان من حكمونا هم فقط ستة أشخاص في أعلى تقدير وأطلقنا عليهم مسمى الشلة الحاكمة، فماذا بقى من توصيف لبقية الحشد غير أن نطلق على بعضهم مسمى (الروافع) وهؤلاء هم من يلون الشلة في الرتبة والمقام، والبقية (لا في العير ولا البعير)، جماعة (طاطا قام طاطا نام) أو بالأحرى ناس (قام بجماعتو وقعد بجماعتو)..
الشاهد هنا ليس هو صحة أو عدم صحة رقم أعضاء الشلة، وهل هم ستة أم ستين، الشاهد هو أن البلد كانت تحكم ويساس ناسها على نمط وطريقة الشلة بقناعة أن المنهج (الشللي) هو الانسب لادارة هذه البلاد بما يوفره للشلة الحاكمة من ميزات التآلف والتفاهم بين أفرادها مما يسهل عليهم ممارسة ما يريدون وبالطريقة التي يريدون و(زيتهم في بيتهم)، ولعله لهذا السبب كان شعار (انتهى زمن الغتغتة والدسديس) واحدا من أشهر شعارات الثورة، باعتبار أن نظام الشللية البائد كان يفتقد إلى المراقبة والمحاسبة وفيه إهدار للكفاءات الأخرى أو توظيفها في غير مكانها، وأن الشللية تفتقد الديناميكية والتغيير في العمل وتقوم أساساً على الجمود في المواقع والوظائف وأساليب العمل… وبعد أعزاؤنا القراء ألا ترون في القليل جداً الذي ذكرناه عن مساوئ (الشلة) أننا فعلاً كانت تحكمنا شلة فاسدة في نفسها ومفسدة لغيرها..

 

حيدر المكاشفي

الجريدة

2 تعليقات

  1. صدقني أنني أشعر أن كرامتنا قد اهدرت وأهينت بغض النظر عن من هو الذي يحكمنا فعياً…. أنني ارى نشر العربية لهذه السلسلة الوثائقية لحكم لم يدم على اقتلاعه إلا شهور قليلة فيه إهانة لكل السودانيين وهدر لكرامتهم لأننا لو عرضنا جلسات مجلس الشوري أو مجلس الوزراء السعوديين على شاشة التلفاز السوداني لقامت الدنيا علينا…. أي اختراق هذا؟ أي جرأة هذه؟ أي إهانة هذه؟
    لقد قابلت شخصاً أدعى أنه من اخترع إيجاد فرص عمل بوظيفة راع بالسعودية أثناء قفل باب التأشيرات للسودانيين وأنه اخترع هذه المهنة لإهانة السودانيين وحكومة السودان. فكان الطبيب والمهندس يأتي إلى السعودية بهذه المهنة ولا يجد عملاُ ولا يتسنى له تغيير هذه المهنة … اضاف هذا الرجل أنه يسافر كثيرا إلى السودان وأن الأمن السوداني مخترق تماماً من الأمن السعودي وأنهم يعرفون كل حاجة عنا، ووصف عدد من المقاهي الراقية في نمرة 2 وفي العمارات تأتيهم فيها المومسات بما لذا وطاب من الأخبار السرية لحكومة الكيزان……………. ما قامت به قناة (العبرية)، نوع من أنواع الاستهوان والاستحقار بالسودان والسودانيين بغض النظر عن المقت الذي نكنه لحكومة الكيزان…..
    لم أقرأ أي مقال حاول معالجة الكيفية التي تحصلت بها (العبرية) على تلك التسجيلات الفضيحة…. النتيجة النهائية لهذه التسجيلات أن السعودية سوف تستمرئ الافتئات والتجني على أي حكومة سودانية ديموقراطية أم عسكرية إن لم تقدم لهم وزارة الخارجية السودانية احتجاج رسمي عن هذه المهزلة.

  2. بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    ( الورجقة ) و ( البربرة) عند ساستنا !
    الأولي موغلة في الدارج السوداني وينعت بها ما يصدح به الطفل الصغير وهو يحاول التعبير وتنطوي علي استحسان خطواته في النطق ولكنها مذمة أيضا عندما يوصف بها حديث الكبار والساسة علي وجه الخصوص عندنا تكثر ( ورجقتهم) فالصادق والسندكالية ( ورجقة) أخذت في ستينات القرن الماضي زمنا غاليا من وقت مثقفي الشعب السوداني أهدروه في تعريف السندكالية تارة وأخري مجاراة للصادق فيما يهرف بما لا يعرفون ثم توأمه الترابي جاء من السربون أيضا ب( ورجقة) خاصة به وعلامة مميزة أشار بها ( الاخوان) علي صدورهم تميزا وجاءت عبارات توحيد أهل القبلة تهيئة لفصل جنوب السودان مذ ذلك الزمان ثم ( التوالي) والنظام الخالف وقبلها العلمانية وعلي عثمان لا يذهب بعيدا أيضا في (الوحدة الجاذبة).
    وثانيتها ( البربرة) تماثلها في التعريف الا أنها ( خليجية) يذم بها الحديث غير المتوازن أو الذي لا فائدة منه وهو كثير أيضا عند ساستنا فالإنقاذ ملأ قاموسها الساحة العامة ب ( بربرة) أخذت وقتا غاليا من مشروعهم الحضاري فلحسوا كوعهم بدلا من تحقيق السلام في السودان ومشروع إقامة دولة الإسلام بعد فصل الجنوب أفقرت الجميع فانتكس الجنوب الجديد تحت الحركة الشعبية ودمرت الحركة الاخوانية مشروعات البنية التحتية في شمال السودان ولعمري هي قسمة ( ضيزي) أن يوكل أمر السودان لحركتين متطرفتين من خلال ( بربرة) ظاهرها قسمة الثروة والسلطة وجوهرها سرقة أصول السودان وتحويل أراضيه لمنفعة خاصة ووقفا لجماعة واحدة.
    وهاهي الساقية ( مدورة) تطل برأسها ( الورجقة) و( البربرة) العلامة المميزة للعصف الذهني عند ساسة السودان ففي محادثات السلام الآن يكثر الحديث سرا عن قسمة السلطة والثروة وهي محاصصات لخلق وظائف لقادة الحركات المسلحة في مجلسي السلطة ثم استيعاب المحاربين في وزارات الصحة والعمل كما في السابق مع أبو قردة وأضرابه وتغلف خجلا من الثوار لتصل أحاديث المحاصصة في عبوات ( العلمانية) وتقرير المصير وفتح مسارات امنة وملخص الامر وزبدة الحديث غلة ومعاش لمناوي والحلو وعقار ومسكن فاخر كما شقته في باريس لعبد الواحد نور.
    دماء الشهداء وعاهات الجرحي والمصابين من ثوار ديسمبر لا يجبر كسرها ( الورجقة) و( البربرة) يهرف ويحوم بها الساسة بين جوبا وأديس والامارات والدوحة بحثا عن السلام في الخرطوم والأخيرة هي وحدها التي استضافت المحبطين وخلقت السلام والمصالحات في 1967 بعد هزيمة العرب فلماذا نذهب بعيدا لنطلب لانفسنا سلاما ونحن أقدر في الخرطوم علي اعادة اللأت الثلاث للوطن السودان فلا عودة للحرب ولا عودة للمحاصصات ولا عودة ل (الورجقة) وإعادة المجد للسودان كما تسلمناه من الانجليز بلا طق ولا شق نتغني فيه جميعنا ( منقو قل لا عاش من يفصلنا).
    وتقبلوا أطيب تحياتي

التعليقات مغلقة.