ما فعله نظام الحركة الإسلامية المخلوع بالشعب السوداني، يكفي جدا ليحاكم قادته دون اعترافات منهم، وقد أخذوا منه كل شيء وظلموه وارتكبوا في حقه كل ما لا يمكن أن يتصوره عقل البشر من جرائم لا إنسانية، وجرائمهم هذه تمت مع سبق الإصرار والترصد ورتبوا لها زمناً أطول من فترة حكمهم بعقود، وقد منحهم القدر ما يكفي من زمن ليثبتوا لنا أنهم مسلمون وصالحون ومؤهلون لتحمل مسؤولية السلطة بشرف ونزاهة، ولكنهم فسدوا عمداً وتمادوا وقد آن الأوان ليحاسبوا ويفضحوا ويدفعوا الثمن، فمن عدالة الله إنه يمهل ولا يهمل.
قناة العربية بدأت تقدم حلقات وثائقية مسجلة بالصوت والصورة، وهي عبارة عن تسجيلات لاجتماعات الحركة الإسلامية السرية التي كانوا يقولون فيها كل شيء ويعترفون بكل شيء، وهي اجتماعات تتم لتقييم تجربتهم ولكنهم يخرجون منها كما دخلوا لا يصلحون ولا ينصلحون، و بعد كل اجتماع يصبحون أكثر فساداً، وهذا لأنهم لا يفكروا بعقول سليمة ونفوس نظيفة، وهذا دليل على سوء نواياهم، لأنه إذا سلمت النوايا سلم العمل .
بعض أعداء الحق قالوا إن تلك الاجتماعات كانت مراجعة تحسب لهم وليس عليهم، وفي الحقيقة هذا غير صحيح بل تحسب عليهم، وهي دليل على إنهم غير قابلين لأن ينصلحوا، وإلا لدفعتهم هذه المراجعات لفعل شيء لإنقاذ البلد، ولكنهم كانوا يصرون على التمادي، وحتى اقتراحاتهم كانت تدفع إلى مزيد من التحايل على الشعب، فمثلاً اقترحوا تغيير اسم الحركة الإسلامية بدلاً من أن يتغيروا هم أنفسهم فالعلة فيهم وليس في المسمى، معتقدين إن ذلك سيغير نظرة الناس إليهم مهتدين بتجربة تركيا وهي تجربة عليها الكثير من المآخذ، صحيح في البداية نجحت ولكن بدأت تمضي نحو الفشل منذ سنوات وها هو قائدها الآن يتعرض للهزائم المتتالية وقريباً ستشيع التجربة إلى مثواها الأخير.
إعترافات الحركة الإسلامية التي بثتها قناة العربية ليست غريبة ولا جديدة على الشعب السوداني فهو يعرفها، ولكنها جاءت لتؤكد أكاذيبهم، فقد أنكروا الكثير من الجرائم ولكنهم اعترفوا بها لبعضهم، و بعضهم ظل ينكر ارتباطه بالفساد حتى قبيل بث هذه الحلقات التي أسكتتهم، وفي الحقيقة فضائح الحركة الإسلامية لن تنتهي قريباً وسيظهر كل يوم منها الجديد لسنوات كثيرة.
بعض المدافعين عن فساد الحركة الإسلامية لجأوا لشغل الناس بتساؤلات إنصرافية، مثل كيف وصلت لقناة العربية ومن سربها وكم أخذ مقابلها؟ وكذلك التشكيك في قناة العربية والتبرير بأن الأمر صراع محاور وغيره من كلام انصرافي ناسين أن الله لا يخذل مظلوماً ولا ينصر ظالماً وقد كان عادلاً مع جماعة الأخوان المسلمين، فهو لم يمنحهم 30 سنة فقط ليثبتوا صدق نواياهم وعملهم بل منحهم أكثر من نصف قرن، وهم الآن استحقوا ما يحدث لهم وإنما يحصدون الشر الذي زرعته أيديهم ونسوا عدالة السماء التي لا بد منها وإن تأخرت.
عموماً بغض النظر عن كل شيء، محتوى الحلقات التي بثتها قناة العربية،عبارة عن اعترافات لمن سموا أنفسهم ظلماً حركة إسلامية والاعتراف سيد الأدلة، وما كان الله يوردهم هذا المورد أن عرفوه حقاً ولم يجعلوا من الدين وسيلة للظلم، أنها عدالة السماء في الحركة الإسلامية التي لطالما نسيت إن هناك رباً يراقب.
اسماء جمعة
التيار