أخيراً تنفس الناس الصعداء بإعلان د.عبد الله حمدوك وزراء حكومته ولا يسعنا إلا أن نهنئهم بالاختيار ونتمنى له ولوزرائه النجاح في هذه المهمة الخطيرة الصعبة حيث أنهم يواجهون تحديات عظاما وورثوا دولة محطمة واقتصادا متعسرا يحتاج لمستوى عالٍ من كفاءة الأداء وطهارة اليد واللسان لا كما فعل منسوبو النظام السابق كانوا كالثور في مستودع الخزف.
ما يميز هذه الحكومة أنها بحق حكومة الكنداكات فلأول مرة في تاريخ السودان بل في العالم العربي والثالث يكون عدد وزرائها من النساء بهذا العدد غير المسبوق فالمرأة السودا نية خاصة الشباب منهن قمن بدور بارز وحاسم في نجاح ثورة ديسمبر سواء في الحراك الشعبي أو حتى في منازلهن يقدمن الدعم المعنوي والمالي للثوار.
لقد برزت المرأة السودانية ونجحت في كافة المجالات ونالت سمعة عالية داخل السودان وخارجه فالتحية للمرأة السودانية المحترمة.
المطلوب الآن هو أن يشارك الجميع بالرأي السديد والنصح النبيل وليس التطبيل من أجل إنجاح الفترة الانتقالية التي يفترض أن تؤسس لمستقبل أفضل. لذا أقول أولا أنه يتعين على المسؤولين في إدارة الحكم سواء على المستوى السيادي أو التنفيذي والتشريعي لاحقا أن يعكفوا على مواجهة مشاكل الداخل أولا ولا ينشغلوا بالزيارات والدعوات الخارجية الثنائية اللهم إلا المؤتمرات الضرورية الدولية أو الإقليمية التي لا غنًى عنها حيث يمكِّنهم من الاستفادة مما تقدمه الصناديق والمؤسسات إضافة إلى لقاء نظرائهم والتفاعل معهم إيجابيا لمصلحة السودان وقضاياه المختلفة.. أما غير ذلك فلتقم السفارات بدورها ضبطا للصرف.
النصيحة الأخري تتعلق بأولوية السلام وحسنا أعطاه د.حمدوك أولوية واهتمام كما ذكر وذلك يحتاج لقدر كبير من التنازلات والاهتمام الجاد والصادق بمطالب الهامش والحركات المسلحة خاصة فيما يتعلق بالتوزيع العادل للثروة ربما قبل توزيع السلطة. هذا يرتبط ارتباطا مباشرا بباقي ميزانية 2019 وموازنة 2020 فالميزانية تعكس بأرقامها تصور الحكومة وسياساتها لمواجهة الأوضاع الاقتصادية المزرية التي ورثتها فلا بد من إعطاء ذلك ما يستحق من اهتمام وليت د.حمدوك ووزير المالية يستفيدان من الخبرات الاقتصادية التي تذخر بها البلاد. وألا يهملوا القطاع الخاص بالداخل والخارج والمغتربين الذين يملكون طاقات وموارد مالية ضخمة لا زالت محبوسة لا تجري في شرايين اقتصادنا بسبب سياسات النظام السابقة التي كرست عدم الثقة بينهم وبين الدولة خاصة مع البنوك.
لذلك أنصح بضرورة إعطاء الأولوية في السياسات الاقتصادية لعودة الثقة وذلك بالابتعاد كلية ونهائيا عن سياسة العصا واستبدالها بسياسة الجزرة فذلك أكفل لأن يترك القطاع الخاص والمعتربين وأهل الكسب والصنائع ترددهم الحالي وعدم تجاوبهم مع السياسات الاقتصادية.
وهنا أدعو المواطنين أن يقدموا التضحيات مثلما فعل الشهداء والجرحي برفع المعاناة من ظهر الموازنة العامة والموافقة على رفع الدعم حتى تتمكن الحكومة من وضع السياسات المناسبة لتحريك وإنعاش الاقتصاد فالدعم ظل أسوأ سياسة استفاد منها الأغنياء وليس الفقراء الذين يمكن مساعدتهم بوسائل أفضل مثل الدعم المتقاطع وغير ذلك من سياسات مبتكرة خارج الصندوق القديم. كما أنصح القطاع العسكري بأن يتجاوب إيجابيا مع الحكومة خاصة الموازنة الحالية والقادمة لتوجَّه معظم الموارد نحو دعم الاقتصاد وتحريكه.
نحن بلد غني وليس فقيرا فلنفكر بهذا المنطق ولتنطلق سياساتنا الاقتصادية من هذه الحقيقة، من خلال إطلاق الطاقات بحرية السياسات الاقتصادية لا التحكُّمية التي فشلت منذ خمسين عاما مثلما فشلت سياسة التحرير الاقتصادي بسبب عدم عدالتها وسياسة التمكين داخل نظام استبدادي وفاسد. أواصل…
التيار