إعمال سلاح العقل .. لا عقلية السلاح ..!
قيام الثورة على نظام الإقصاء الكيزاني الممنهج لأغلبية أبناء الشعب السوداني وعلى مختلف إثنياتهم وجهوياتهم وتوجهاتهم السياسية هو الدليل القاطع على نفي إقتصارذلك التهميش على مناطق بعينها ..فجاءت الإنتفاضة لإقتلاع ذلك الحكم العنصري كثورة تعبرعن إرادة كل السودانيين الذين تقصدت حكومة الإسلامييين وعسكرهم أن تجعل منهم مواطنيين من الدرجات الدنيا في ظل إعلائها لفئة المنسوبين للتنظيم وحماتهم من القوات التي سخروها لا لتحارب لمصلحة الوطن وصيانة حدوده وإنما لضمان بقاء ذلك النظام الى يوم الدين كما تصوروا في غفلتهم الطويلة وسكرتهم التي أذهبت العقول ..ناسيين أومتناسين أن كل دورٍ إذا ما تم ينقلبُ .
وكان تنوع محاربة ذلك النظام الذي لم يتوقف يوما مُقسما بين ما هو سياسي مخنوق واحتجاجي سلمي وما هو بالسلاح الذي أضطرت لرفعه بعض الحركات التي تملكها اليأس من الوصول الى حلول توفيقية مع ذلك النظام الذي ظل يتبع معهم سياسة الفلق بالمطرقة ثم يمد لهم باليد الآخرى ضمادات تنشيف النزيف !
الان ذهب ذلك النظام على الأقل عن سدة الحكم المباشر بكل مساوئه ..وأصبحت الساحة ممهدة للتحاور بسلاح العقل الذي يعلي مصلحة الوطن فوق مصالح التنظيمات والأفراد والحركات والجهات ..والمرحلة دون شك تتطلب وضع السلاح جانباً لتخط أقلام التفكر والسياسة خارطة السودان الجديد ككتلة واحدة جغرافياً وديمغرافياً بغرض تلمس الحلول الشاملة غير مجزئةِ ولا مخصصة ولامنتقصة .
فإذا كانت بعض المناطق لم تجد ما تستحقه من نصيبها في حكم السودان ولا قسمتها العادلة في ثرواته ..فلم تنجُ جهات كثيرة من الإستهداف بتدميرمشروعاتها وإخراجها من دورة الإنتاج التي كانت تمثل لحم كتف الإقتصاد في عهود الإزدهار.. وقس على ذلك بقية معاناة أهل الشرق والغرب و الجنوب الجديد بعد أن رحل ذلك الجزء القديم الغالي فارزاً عيشة لا أظنها تقل ضنكاً الان عن التي إستدعت رحيله !
فالتصريحات الإيجابية من بعض قادة الحركات المسلحة بل وخطواتهم الساعية للتقارب مع ركب الثورة في مرحلتها الإنتقالية في سبيل البحث عن السلام الذي يمثل المدخل الهام لمستقبل الإستقرار والتنمية والتجانس ..لابد لها من أن تتسارع وتيرتها لبلوغ ذلك الهدف تأكيداُ لصدق النوايا بالعمل مع هياكل الحكم الجديد ومن داخل الوطن بالضرورة ..فلم يعد ما يستوجب شتات قادة تلك الحركات خارج الحدود بعيدين عن قلب الحدث.. خاصة وان المجتمع الدولي بدأ يرنو الى مستجدات الأمور في بلادنا بعين الرضا وهاهي وفود الدول الغربية مثلا باتت تترى زياراتها لمباركة جديدنا ..والإستماع الى صوتنا متوحدا لبناء هذا الوطن الذي يهمنا جميعا كهدفٍ واحد مهما اختلفنا و تفرقت بنا الرؤى ..فهلا أعملنا سلاح العقل ..وعطلنا عقلية السلاح .
محمد عبدالله برقاوي..
[email protected]