قبل حوالي شهر أعلنت وزارة التربية والتعليم عن بداية العام الدراسي لطلاب التعليم العام، بعد إجازة أطول من المعتاد بسبب ثورة ديسمبر التي ما زالت مستمرة وتزداد كل يوم رسوخا وقناعة في نفوس وعقول المواطنين، حتى أطفال المدارس والرياض تبرمجوا عليها بوعي أو دون، مما يجعل مدة صلاحيتها طويلة بل وغير قابلة للانتهاء، وهذه الثورة خلقت واقعا جديدا لا يريد المجلس العسكري أن يضعه في الاعتبار رغم خطورة الأمر على البلد.
أول أمس أعلنت وزارة التربية والتعليم تعليق الدراسة إلى أجل غير مسمى، بعد أن خرج أطفال المدارس بمدينة الأبيض في مواكب تطالب بالعدالة والحكومة المدنية كما يفعل الكبار، ولكن تم تفريقهم بعنف غير متوقع مما أدى إلى قتل وجرح العشرات منهم، وخرجت على إثر ذلك مواكب أطفالية أخرى في عدد من مدن السودان تطالب بالعدالة والقصاص لزملائهم.
كالعادة خرج المجلس العسكري ينفي مسؤوليته ويبرىء نفسه ويحمل المسؤولية لغيره، وهو الوحيد في هذه البلد من يملك وسائل القتل، السلطة والسلاح والجنود وكتائب الظل التي تعمد الاحتفاظ بها، فزاد الشعب يقينا بأنه القاتل.
كذلك ظلت الجامعات مغلقة منذ شهر ديسمبر الماضي، أي أنها ستكمل بعد شهرين عام دراسي كامل، ولم يستطِع المجلس العسكري فتحها رغم أنه أعلن ذلك للمدراء، بعض منهم لم يستجِب وبعض حاول فتحها وفشل، ونؤكد له أنه لن يستطيع فتحها قبل أن تتشكل الحكومة المدنية وتبدأ إجراءات العدالة وتخرج منها مليشيات المؤتمر الوطني مسلحة وغير مسلحة.
لم يدرك المجلس العسكري حتى الآن أن الطلاب في السودان هم أكثر الناس تأثرا بالظروف التي يعيشها وطنهم والأكثر وطنية ووعيا بظلم الإنقاذ وظلمه هو والأكثر إصرار بضرورة التغيير، سواء كانوا في الجامعات أو المدارس أو حتى في رياض الأطفال، جميعهم يفهمون ماذا يحمل لهم التغيير الذي سيحققه استمرار هذه الثورة، فهم دوما يهتفون “لا تعليم في وضع إليم، هذا الوضع الأليم” يشمل كل شيء في الحياة، وليس هناك وضع مؤلم أكثر من أن يقتلهم من كلف نفسه بحمايتهم ثم ينكر.
ما يجب أن يفهمه المجلس العسكري هو، أن المدارس والجامعات لن تفتح قبل أن تتضح الرؤية ويفهم الطلاب إلى أين تسير البلد؟، فثورة ديسمبر لن تنتهي قريبا، بل ستستمر حتى تضع السودان في الطريق الصحيح وتتحقق العدالة وكل أهدافها، وجميع الطلاب غير مستعجلين للجامعات والمدارس، بقدر ما مستعجلين للحرية والسلام والعدالة هكذا يقولون، فالمدارس والجامعات ظلت دون طموحهم وأحلامهم وأمنياتهم، ويريدونها أن ترتقي لتواكبهم وليسوا على استعداد للتراجع، ولا تعليم في وضع أليم.
التيار