تفاوت الأخلاق في إختلاط الأوراق.!

0
10
محمد عبدالله برقاوي
محمد عبدالله برقاوي

السياسة في تعريفها التقليدي الأقرب الى النهج الأخلاقي توصف بأنها فن الممكن ..لكن ذلك الوصف لم يعد دقيقاً في زمنٍ تداخلت فيه إزدواجية وإختلاط المبادي والمصالح في قارورة السكرة الذرائعية التي تغيب فيها عقلانية الساسة فتتباعد خطوات ترنحهم وتتقارب في ذلك المربع نأئياً عن الثوابت وإن كانت قناعتهم بها متوفرة الأركان ..ويتملك بعضهم عهر التجرد عن الحد الأدنى من تلك الأخلاقيات بينما ينتهج البعض الآخر أسلوب المقامرة في طاولات الميسر التي لاتتورع عن كل أسلوب قذر يأتي بالمكسب ولوكان في ذلك المساومة على منزل أقرب الأصدقاء من المتحاورين بأوراق اللعبة أوحتى دفعه مضطراً للمغامرة بشرفه !
فالبراجماتية هي تخفيف في لغة العصر السياسية لعبارة الإنتهازية ..ومصطلح المصير المشترك وحسن الجوار قد يستخدم من قبيل التعمية بديلاً لكلمة الوصولية لتحقيق الغايات بغض النظر عن مثالية الوسائل أوحتى وقاحتها !
ما يفعله الزعيم في ركنٍ ما من العالم من عمل بشع وشنيع في حق شعبه يراه مبرراً بأعذار قد تكون أقبح من الفعل ذاته ..وتجده يقدح في ذات السلوك مستقبحا أياه ومستنكراً له ويذم به قائداً آخر في ذات إعوجاج رقبته الذي لايراه في مرآة دواخله التي تزين له كل بشاعاته ..ولا يلمحه في تلك الوجوه الضاحكة عليه بلغة الخوف و التملق و التي يتفرسها في كل صباحاته رغم أنها تنضح بصور الواقع الذي لايحتاج الى فك أمية القراءة أو شحذ ذكاء التمعن الجيد.. أما من يهتفون ضده بالحق من الناصحين أوالناقمين علانية في قارعة الطريق ..فهم في نظره خونة ومندسين وعملاء الى أن يستبين الحقيقة المرة حينما تطبق بكفيها على حنجرتة الزاعقة بالإنكار فيحاول إبتلاع علقمها..وساعتها لا يخجل من التراجع نحو خط المهادنة ..ولكنه لا يتنحى ولا يعتذر !
بالأمس صرخ أرودوغان ملك ديمقراطية الإسلاميين منددا بدكتاتورية السيسي آخر الإنقلابيين ورافضاً حضور مؤتمر شرم الشيخ الذي إنعقد في الأسبوع المنصرم لان الرئيس المصري أعدم مجموعة من الإخوان المسلمين بتهم مختلفة تتفاوت بين التفجيرات والأعمال الإرهابية التي أفضت الى إزهاق بعض الأرواح ..فردعليه الأخير بالقول ..من يعتقل سبعين الفاً ويشرد مئات الألاف ويصادر المدارس ويغلق الصحف ويسجن صحفيها بزعم أن كل هذه الجيوش فقط كانت مؤدية لخصمه فتح الله غولن لايحق له أن يستنكرعلى من يحارب الذين يدعمهم بالسلاح والمال في مصر وليبيا وسوريا ..وهكذا فالفرعون أبوسن تراه يضحك ملء فيه على العثماني أبوسنين من منطلق .. من كان منكم بلا خطيئة !
كيزان السودان خرجوا بصديري إستنكار إنقلاب السيسي حينها دون أن ينظروا الى أسفل عراهم بتأييد كل عمايل الإنقاذ بل والمشاركة فيها قولاً وفعلا ..لكنهم اليوم لم ينبسوا ببنت شفة حينما علق الرجل زملائهم على أعواد عدالته الموصوفة بالإعوجاج السياسي من طرف كثير من المنظمات الحقوقية ..فكان صمت أفواه كيزان الخرطوم خلف لزقة مطابقة أفعال سلطتهم تجاه المتظاهرين قتلا وتنكيلا وعلى الهواء الطلق تحقيقا لمبدأ القصاص خارج الشريعة حتى قبل العمل بقانون الطواري الذي يعتبروه برداً وسلاماً عليهم إذا ما زج في غياهب السجون بالشيوعيين والبعثيين وأتباع المهنيين والحرائر المصونات بسفور العفة وهن يواجهن الملثمين بقناع الخوف المستقوي بالسلطة والسلاح..ولكن ذات اللصوص من القطط السمان بشحم السحت تجدهم يتبرأون تاففاً من سيف الطواري إذا ما استهدف دابر فسادهم بالملاحقة وسدعليهم ولو بغمد التخويف نوافذ البيع للدولار خارج النظام المصرفي !
هي أوراق تختلط وتتفرق حسب مجريات توزيعها مع إتجاهات اللعبة التي تتجرد من كل أصولها وفنونها ..وكلٌ يدعي الشطارة في إبتزاز الاخر واستنزافه ..في زمان لم يعد يطرب لمثالية المبدأ الخالي من المكسب ..وهو ديدن سياسة عالمنا الذي يتسيده التاجرترامب في واشنطن وبوتين فتوة موسكو.. قطبا سياسة الحماية مقابل السيادة .. فلا باس من ذلك الإنحاء لدى المتسلطين طالما أنه يجعل المحمي منهم راكباً على ظهر من يظن أنه خُلق مخصوص ليولى عليهم أبد الدهر ..و هناك من يفتي له بأن الخروج عليه فتنة تستوجب التحريم والتكفير..و لكن لاتثريب عليه إن هو جوّع أو قتل أو أضاع كرامة الوطن في طاولة ميسر الرغائب السلطوية الطاغية.. وبس ..!

محمد عبدالله برقاوي
[email protected]